كانت هناك مساحة فارغة تحول دون وصولها إلى الجنون. مساحة ظنتها فارغة تمامًا، حتى وعت بأن هناك شيئًا غامضًا يملأ أركانها، ويجعل من الوصول نحو المحطة الأخيرة أمرًا مستحيلًا. راقبت الغرفة الصغيرة التي احتوتها. كانت مصبوغة باللون الأزرق الذي قرأت عنه في إحدى المجلات بأنه لون مريح للأعصاب، ولكن أعصابها أبعد من أن تكون مسترخية الآن، فالغرفة لا يتخللها سوى إضاءة خافتة، أضفت على الجو العام كآبة وقلقًا أكبر. أين هي؟ كلّ ما تتذكره هو تلك النوبة الهستيرية التي اجتاحتها في الصباح حتى تهاوت على مدرج الجامعة! نظرت إلى ذراعها، ووريدها يرتوي من سائل شفاف يزيد من البرودة التي نخزت جسدها بأكمله. لم يكن هناك أحد معها ليخفف من شعورها العميق بالخوف والوحدة. بدأ عقلها في تناسل الأفكار، وبدأت الوساوس تغلف خلاياه المستسلمة له.