الفتوحات العربية في روايات المغلوبين
"الفتوحات العربية حدث تأسيسي للتاريخ العربي - الإسلامي. لكن أصوات الشعوب المغلوبة غابت عن المدوّنة العربية غياباً كانت له تبعات سلبية على تشكيل صورة العرب والمسلمين عن أنفسهم. للمرّة الأولى، يقدّم كتابٌ باللغة العربية الروايات التي سجّلتها الشعوب المغلوبة عن الفتوحات، بالاستناد إلى المصادر الأصلية. ومن الإخباريين البيزنطيين إلى القساوسة الأقباط ورجال الدين الزرادشتيين والمؤرّخين الصينيين، إلى المدوّنين اليهود والرهبان الأسبان، ترتسم صورة مختلفة وجديدة للفتوحات العربية بصفتها حدثاً عالمياً. إن الفتوحات، بخروجها من أراضي الجزيرة العربية، تحوّلت إلى حدث متعدّد الأطراف، خصوصاً أن أعداداً كبيرة من سكان البلاد التي قصدتها الفتوحات ظلّت على دياناتها واعتقاداتها الاجتماعية، كما احتفظت ببناها السياسية والاقتصادية في العديد من الأماكن التي وصلت جيوش الفتح إليها. وظهر بعد انحسار موجة الفتوحات من قدّم روايته للأحداث. يدعو هذا الكتاب إلى إعادة تقييم الرواية التقليدية العربية للفتوحات، وللتاريخ العربي -الإسلامي برمّته، وعرضها على النقد والبحث العلمي، كمقدّمة لازمة لإنتاج فهم حديث يساهم في التقدّم الحضاري وكسر القوالب الجامدة التي سجن العرب أنفسهم فيها، من جهة، وتلك التي دفعتهم إليها بعض مدارس الاسشتراق العنصرية، من جهة أخرى. "العرب والصين: مستقبل العلاقة مع قوة صاعدة
يتناول هذ الكتاب البعدان التاريخي والثقافي للعلاقات بين الصين ودول المنطقة العربية منذ القرن السابع إلى القرن العشرين، بما في ذلك العلاقات التجارية منذ العصر العباسي، إضافة إلى حركة الإحياء الإسلامي في الصين في النصف الأول من القرن الماضي، وموقف الصين من حرب السويس (1956) من خلال قراءة موجزة لوثائق الخارجية المصرية في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الأمة العربية. كما يتناول الكتاب الاستراتيجية الصينية في الوطن العربي، من خلال تناول سياسات الطاقة الصينية ومساهمة الصين كقوة عظمى في أمن الشرق الأوسط، وعملية السلام فيه، إضافة إلى السياسة الخارجية الصينية من منظار «الثقافة الاستراتيجية»، وتاريخ العلاقات العربية - الصينية، وتركيز الصين حديثًا في سياستها مع دول المنطقة على الجوانب الاقتصادية والتجارية، بغية تسريع نموها الاقتصادي، خصوصًا بعد اعتمادها المتزايد على مصادر الطاقة الرئيسة كالنفط والغاز. يتألف هذا الكتاب من ست عشرة دراسة مختارة تناقش العلاقات العربية - الصينية، عرضها مجموعة من الباحثين والأكاديميين في المؤتمر السنوي الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في الدوحة في الفترة 21-22 أيار/مايو 2016، وذلك في سياق مؤتمرات «العرب والعالم»، وكان بعنوان «العرب والصين: مستقبل العلاقة مع قوة صاعدة».الوجود الروحي والسياسي الروسي في الأرض المقدّسة والشرق الأوسط
هو أول كتاب في التاريخ الروسي يعتمد على الوثائق المتعلقة بالتناقض التاريخي للوجود الروسي السياسي والروحي في القدس والشرق الأوسط، ويسرد بالتفاصيل الدقيقة نشاطات نصف قرن من العمل الدؤوب لرجال الدين الروس لبناء وجود أرثوذكسي في الأراضي المقدسة، ويبحث انتظام هذا العمل، الذي كان فرديًا حينًا، وبرعاية أعلى المرجعيات السياسية في الإمبراطورية الروسية، حينًا آخر، ومن ثم مأسسة ذلك كله في: البعثة الروحية الروسيَّة إلى القدس؛ اللجنة الفلسطينيّة؛ اللجنة الفلسطينيّة التابعة لإدارة آسيا في وزارة الخارجية؛ الجمعية الإمبراطوريَّة الأرثوذكسيَّة الفلسطينيّة؛ ومن ثم الجمعية الروسية الفلسطينية في ظل الحكم الشيوعي. كما يتناول مصير الإرث الروسي في الشرق الأوسط في القرن العشرين، وإعادة بعث نشاط البعثة الروحية الروسيَّة والجمعية الإمبراطوريَّة الأرثوذكسيَّة الفلسطينيّة في الظروف المعاصرة. المؤلف: نيقولاي نيقولايفيتش ليسوفوي، فيلسوف مؤرخ للكنيسة وناشط اجتماعي. عضو الجمعية الأرثوذوكسية الإمبراطورية الفلسطينية منذ عام 1974 وحتى وفاته في عام 2019. درّس الفلسفة والتاريخ في عدد من الجامعات الروسيّة. شارك بإصدار مجلّة البطريركية الموسكوبية. له العشرات من المؤلفات والدراسات التاريخية والكنسية. المترجم: مسوح مسوح، طبيب سوري. من ترجماته عن الروسية: الألحان الفارسية للشاعر سيرغي يسينين؛ مجموعة قصصٍ قصيرة للكاتبة فيكتوريا توكاريفا؛ قصائد مختارة للأديب والشاعر رسول حمزاتوف؛ ريح الجبال للشاعرة الداغستانية باخو ميتسيدو رسولافا؛ وله ترجمات لعدد من الأبحاث التاريخية .سياسة الدولة العثمانية في مصر 1801-1805
تحتل وثائق الأرشيف العثماني موقعًا مميزًا بين مجموعات الوثائق التي يهتم بها المشتغلون بتاريخ مصر في العصر العثماني، ومن أهم هذه الوثائق دفاتر المُهمة عمومًا، ودفاتر مُهمة مصر خصوصًا. يتناول الكتاب تاريخ مصر في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي من وجهة نظر جديدة، وفق معطيات ووثائق لم تُدرس وتتضمن رؤية عثمانية لم تُطرح من قبل؛ إذ اعتمد بشكل رئيس على وثائق غير منشورة. وينقسم الكتاب إلى قسمين: القسم الأول، الدراسة وتشتمل على مقدمة وثلاثة فصول، والقسم الثاني ترجمة وثائق الدفتر 11 إلى اللغة العربية. وهو مفيد للباحثين والقراء على حد سواء. المؤلف: أستاذ جامعي. باحث في التاريخ والحضارة العثمانية وتاريخ مصر في العصر العثماني. له ترجمات عدة، منها: تواريخ آل عثمان (2019)؛ رؤية الوثائق العثمانية: ولاية محمد علي باشا على مصر عام 1805م (2020)؛ مرآة الظرفاء: التاريخ والمؤرخون العثمانيون (2022).انتفاضة 17 تشرين في لبنان
يندرج من الناحية المنهجية في ما يطلق عليه اسم "التاريخ الراهن أو الآني"، حيث ينصبّ اهتمام المؤرخ على رصد الأحداث من خلال المراقبة واستخدام الوثائق والشهادات المخطوطة أو الشفهية. وينتمي التاريخ الراهن إلى التاريخ السياسي لأنه ينصبّ على الأحداث الثورية والتحولات الناتجة من الاضطرابات والانتفاضات، إلا أنه لا يقتصر على ذلك، بل يمكن أن يتطرق المؤرخ أيضًا إلى أحداث اقتصادية أو ثقافية أو غيرها من الأحداث. بينما يؤدي الكتاب جزءًا كبيرًا من مهمته في توثيق الانتفاضة، ودراسة بعض مقدماتها ومجرياتها وتحولاتها، فإنه يحفّز النقاش حول ما حققته وما أخفقت في تحقيقه، ويسهم في إنتاج دراسات وأبحاث عن الانتفاضات واجتماعيات السياسة في لبنان والبلدان العربية الأخرى.العصرية والمعاصرة
يهدف هذا الكتاب إلى صوغ فلسفة بيثقافية عربية. إن الفكر العربي الحديث والمعاصر، في مختلف تياراته، وحتى الأكثر محافظة منها، كان وما زال منخرطًا، منذ القرن التاسع عشر في التفكير البيثقافي، وذلك نتيجة صدمة الحداثة، وإكراهات هذه الصدمة وتبعاتها، وما ترتّب عن هذه التبعات، ولكنّنا، مع ذلك، لا يمكننا أن نتحدث عن فلسفة بيثقافية في السياق العربي، ذلك أن اهتمامات الفكر عندنا، ظلّت من طبيعة إبستيمولوجية أحيانًا، وأيديولوجية أحيانًا أخرى وسكولائية في أغلب الأحيان. ولم يطرح هذا الفكر، غالبًا، سؤال الآخر إلا من خلال منطق مانوي، هو ذلك المنطق الذي يريد أن ينتصر للأصالة ضد الكونية، فيقطع بذلك سُبله إلى الكونية، ويخسر أصالته، لأن لا أصالة من خارج التاريخ، وإلى ذلك المنطق المانوي، ينتمي الفكر التغريبي أيضًا، الذي لم ولن يدرك أن كُل كونية هي نتاجٌ لشروطها التاريخية والاجتماعية، وأن الاكتفاء بترجمةٍ محضٍ للكونية، من شأنه أن يُؤبّد غربتنا عن روحها النقدية من جهة، وعن خصوصيتنا التاريخية من جهة ثانية. المؤلف: باحث وأكاديمي مغربي، وأستاذ مساعد في قسم الفلسفة في معهد الدوحة للدراسات العليا، درس الفلسفة وعلم الاجتماع والعلوم السياسية في جامعة ماربوغ في ألمانيا، وحصل على دكتوراه في الفلسفة من جامعة غوته-فرانكفورت. عمل محاضرًا في الكثير من الجامعات الألمانية، في أقسام الفلسفة والدراسات الإسلامية والأنثروبولوجيا. صدرت له بحوث ومقالات في الكثير من المجلات والكتب الأجنبية والعربية.الحراك الاجتماعي في مغرب ما بعد الاستقلال1956-1975
يتتبّع هذا الكتاب تيمة الحراك الاجتماعي في تاريخ المغرب الراهن، على أساس أن مفهوم الحراك الاجتماعي يدل على أشكال الاحتجاج الإنساني وصيغه الرامية إلى التغيير وإعادة البناء، تحديدًا خلال المرحلة الممتدة ما بين عام 1956، زمن الاستقلال، وعام 1975، منعطف المسيرة الخضراء وتبني الخيار الديمقراطي. هذا الزمن، على قصره، يعتبر مؤسسًا لمطلب التغيير في النسق المغربي، وقد تميز بملمح التوتر والصدام في سياق بناء الدولة الحديثة المستقلة وهيكلتها. علمًا أن المؤلف يعود خلال التركيب وبناء الخلاصات إلى تتبع الظاهرة حتى القرن التاسع عشر، مرورًا بمرحلة الحماية، قصد المقارنة والتقاط الثابت والمتغير. استند المؤلف إلى فحص تفصيلي لعدد محدد من الحالات بدت أنها الأقرب والأنسب بحكم أبعادها وامتداداتها، وجمع أكبر عدد من المعطيات اعتمادًا على أكثر من أداة، ولا سيما القرب الزمني، وغنى الشاهدة وتنوعها، كي يكشف عن العلاقات السببية بين أجزاء الظاهرة، ويبني مشهدًا جامعًا يسعف في تحليل خصوصية الحراك الاجتماعي وفهمه، في المغرب زمن الاستقلال. باحث مغربي، حاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس - الرباط. يعمل أستاذًا للتاريخ في كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الأول، ويهتم بقضايا تاريخ المغرب المعاصر والراهن.مقهي ريش
عين على مصر
قاهرة المماليك.. .من العمارة
الإسلامية إلى البحث
عن هوية وطنية مصرية
جنون اسمه الفراعنة
عبر مجموعة من رحلاتە الأثرية والتي يتتبع خلالها الكاتب ما أصاب البشرية من الهوس الفرعوني، يتناول الكاتب عددًا من ذلك الهوس والذي يشمل حكاية لعنة الفراعنة ورحلات الفراعنة، إلى جانب مومياوات الفراعنة وسر الزئبق الأحمر وحكايات أبو الهول وبني إسرائيل في مصر بالإضافة إلى عدد من مغامرات الفراعنة بوادي الملوك.. إنها محاولة جادة لإبراز قيمة الفراعنة ودورهم في تطور حياتهم.وتشرق شمس الأناضول
ترى ما الذي أملى على كاتبة هذا العمل أن تدون تجربتها في السفر والرحلة إلى تركيا في كتاب؟.. أهى روائح البوسفور، أم سيمفونية ألوان زهور «بورصة» المدينة الربانية، أم قمم جبال أولوداغ المتشحة بالبياض؟... هل استحوذت هذہ المشاهد على جزء من نفسها وروحها أم هو ارتباطها العاطفي بالشعب التركى الطيب المتسامح، صاحب القلب الأبيض النقي، متمثلًا في ابتسامة «إسان أوزتورك» الرائعة في صباح يوم مشمس جميل في منتزہ «هينشليك» بأنقرة؟عبد الناصر المفترى عليه والمفتري علينا
يتكلم الكاتب أنيس منصور فى كتابه (عبد الناصر المفترى عليه والمفترى علينا) عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حاكم مصر السابق وعن فترة حكمه، وهل بالفعل كان جلاداً كما يقول عليه البعض أم كان عظيماً وحاكماً عادلاً كما يظن البعض الآخر، بين وجهتى النظر هاتين يقدم الكاتب كتابه هذا.نساء نوبل
بين عالمين: بناء الدولة العثمانية
من أبرز الدراسات العثمانية الكلاسيكية للفترة بين تأسيس الدولة العثمانية وحتى تبصّر العثمانيين معالم الحداثة مطلع القرن الثامن عشر، حيث يحاول المؤلف نسج تصوّر عام يُناقش فيه النظريات التي تناولت بناء الدولة العثمانية في الجوقات الأكاديمية التركية والغربية. ويطرح، عوضًا عن تقديم تأريخ جامد، منظورًا نقديًا لفهم فلسفة ذلك التاريخ. كما يدرس ضمن مسيرة تأسيس الدولة العثمانية، المتموضعة في شمال غرب الأناضول، تشكلها من عصبية ما، تحالفت فيها عوامل عدّة كالطائفة والقبيلة، ولها فهم مُعيّن للإسلام والتصوف، ومجموعة من العادات التركية وغير التركية والثقافات الشعبية المتنوعة. المؤلف: جمال قفادار، مؤرخ تركي وأستاذ كرسي وهبي كوتش للدراسات التركية في جامعة هارفرد. مهتمّ بالتاريخ الثقافي والاجتماعي للشرق الأوسط وجنوب شرق أوروبا. حاز الجائزة الكبرى لرئاسة الجمهورية التركية للثقافة والفنون. له مجموعة من الدراسات، منها: من عاش هنا حينما لم نكن؟ (kim var imiş biz burada yoğ iken)، وعددٌ من البحوث القيّمة حول التاريخ العثماني الكلاسيكي. المترجم: محمد عثمانلي، مترجم عن الإنكليزية والتركية (بشقّيها العثمانية والحديثة)، وباحث دكتوراه في التاريخ العثماني الحديث، جامعة "باموك كاله" التركية (Pamukkale). حائز البكالوريوس في الهندسة المدنية وماجستير في الدراسات الإسلامية والإعلام. مهتمٌ بمباحث فلسفة التاريخ والكتابة التاريخية الحديثة.القدس: التطهير العرقي وأسباب المقاومة
منذ استكمال احتلال مدينة القدس قبل أكثر من نصف قرن، إثر حرب حزيران/يونيو 1967، عملت إسرائيل على تهويد المدينة، عمرانيًا وديموغرافيًا. وقد استندت في إنجاز ذلك إلى منظومة قانونية وإدارية ترسّخ هذا التوجه السياسي، وَسَعت لتفتيت النسيج الحضري والاجتماعي والاقتصادي المقدسي، بزرع بؤر استيطانية داخله، وعزل الشطر الشرقي للمدينة عن باقي الضفة الغربية، معتمدةً بناء المستعمرات وجدار الفصل العنصري. استنادًا إلى أهمية مدينة القدس في الصراع العربي - الإسرائيلي، يأتي هذا الكتاب ليبرز ساحات الصراع المبنية على التطهير العرقي وآليات مقاومتها الفلسطينية من خلال الوقوف على الوضع القانوني للقدس، والبحث في واقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والديني، ودور الحركات الجماهيرية، والفاعلين الاجتماعيين في المدينة، في مواجهة سياسات الإحلال والتهويد الإسرائيلية. يشتمل الكتاب على أربعة أقسام تتمثّل محاورها في التاريخ والصراع على المقدسات، والتعليم والصراع على الوعي، وأدوات السيطرة على المدينة وأساليب المواجهة، والقدس في السياسة الدولية.المعاجم التاريخية
لم تظهر المعاجم التاريخيّة في العالم إلّا في القرن التاسع عشر؛ لعدم توفُّر الشروط الضروريّة لإنجازها قبل هذا القرن. وكان طبيعيًّا إذن أنْ تتعثَّر مشاريع إنجاز المعجم التاريخيّ العربيّ، وأنْ يتأخَّر ظهوره إلى يوم الناس هذا. وكان إطلاق منصّة معجم الدوحة التاريخيّ للُّغة العربيّة في 10 كانون الأول/ديسمبر 2018 أوَّلَ خطوةٍ عمليّة حقيقيّة في طريق إنجاز هذا المعجم؛ إذ أُرَّخ لأوّل مرّة على هذه المنصّة للُّغة العربيّة في مرحلتها الأولى، من أقدم نصوصها حتى نهاية القرن الثاني للهجرة. وقد شكّلت البحوث التي قُدَّمت بمناسبة إطلاق المنصّة نواة هذا الكتاب الذي يقدَّم في القسم الأوَّل منه إطارًا نظريًّا للمعجم التاريخيّ؛ فيدرس أسباب تأخّر ظهوره، والمنهجيّات المختلفة في صناعته، ومستويات التأريخ فيه، وتجارب من معاجم تاريخيّة أجنبيّة. ويقدَّم في قسمه الثاني دراسةً لمعجم الدوحة التاريخيّ للُّغة العربيّة إمّا مقارنة بينه وبين غيره من المعاجم، وإمّا تطبيقًا لمنهجه في قضيّة من القضايا مثل إعادة قراءة التراث، والنظائر الساميّة، والمقترَضات، والوسوم، والتعريفات، وغيرها.وطن من حرير
يتناول موضوع إنتاج الحرير في جبل لبنان منذ أواخر القرن السادس عشر وحتى الحرب العالميّة الأولى، ويستعرض دوره في تشكيل هويّة لبنان المعاصر وصناعة "شخصيّته" التي تفرّد بها بين جيرانه العرب بعد تفكّك الدولة العثمانيّة: من فسيفساء جغرافيّته الطائفيّة، إلى نظامه الاقتصاديّ - السياسيّ الحرّ، وصولًا إلى ميزانه الديموغرافيّ الحسّاس. ويهدف الكتاب من خلال هذا الأمر إلى الكشف أوّلًا عن النتائج التي قد يخلّفها خيارٌ (أو قدرٌ) اقتصاديٌّ ما على مصير الشعب الذي يتعامل به، خصوصًا حين يتقاطع هذا الخيار مع مطامع خارجيّة وظروف سياسيّة متغيّرة، وإلى الإشارة ثانيًا إلى محوريّة المصالح الاقتصاديّة في النزاعات ذات الطابع الطائفي. حائزة على ماجستير بحثيّ في التاريخ الحديث والمعاصر من الجامعة اللبنانيّة. طالبة دكتوراه في برنامج العلوم السياسيّة (العلاقات الدوليّة والدراسات الدستوريّة) في جامعة نوتردام في إنديانا، الولايات المتحدّة الأميركيّة. عملت في القسم التعليمي في معهد المعارف الحكميّة للدراسات الدينية والفلسفية في بيروت بين عامَي 2009 و2013من السلاح الى السلام
لماذا تقرر منظمة مسلحة أن تتخلى عن العنف السياسي و/أو الإرهاب وتنزع الشرعية عنهما؟ متى يقرر زعيم تمرد مسلح تحويل حركة التمرد إلى حركة اجتماعية غير عنيفة؟ كيف تتحول ميليشيا راديكالية إلى حزب إصلاحي؟ ولماذا تحدث هذه التحولات الجماعية من العمل المسلح إلى النشاط السلمي على المستويات السلوكية والأيديولوجية والتنظيمية؟ وما هي شروط إطلاق هذه العمليات وشروط استمراريتها؟ هذه هي الأسئلة الرئيسة التي يتعامل معها هذا الكتاب لتحليل التحولات الجماعية من السلاح إلى السلام. يبدأ الكتاب بشهادتين لاثنين من قادة التحولات الجماعية، شاركا في قيادة منظمتين مسلحتين مختلفتين للغاية. ويحتوي على تحليلات نوعية لمتخصصين لأكثر من 20 حالة مختلفة، في أكثر من 15 دولة، تتراوح من الدينية إلى اليسارية إلى الإثنو-قومية، وذلك في أوقات الأزمات، والصعود العالمي للشعبوية القومية، واستمرار التطرف العنيف. ولا بد من أن تساهم النتائج التي توصل إليها الباحثون في التحول الديمقراطي، وإنهاء الحروب الأهلية، وبناء السلام، ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب.حرب إسرائيل على لبنان 2006
يقدم شهادة عن الجهود الدبلوماسية خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف 2006، التي توقفت بُعيد صدور القرار الأممي 1701. وليست الشهادة قصة القرار كاملة من دون أي نقصان. لعل شيئًا مما جرى، في الميدان أو في المفاوضات، غاب عن الكاتب، وإن من غير قصد. في أي حال، لن يخفى على القارئ المنصف هم الاستقامة الفكرية التي سعت الشهادة إلى احترام مبادئها كي لا تقع في أوهام من يحسب أن لا سبيل لإغناء هذه القصة بمعلومات لم تكن معروفة من قبل. الكتاب ليس سردية بديلة من سرديات أخرى، تناظرها أو تصححها أو تدحضها؛ حسبها محاذرة الانزلاق إلى القراءة الفئوية والأيديولوجية المحمَّلة بالأحكام المسبقة أو المستعجلة، وإلى التفاسير المثقلة بحسابات السياسة اللبنانية المحلية، التي تُقحَم، بشكل مفتعل أحيانًا، في مجال السياسة الخارجية. وإذ يلقي الكتاب الضوء على كيفيات الدفاع عن لبنان بوجه عدوان إسرائيل، فإنه يعطي الدبلوماسية، في زمن الحرب، بعض حقها، فلا ينظر إليها بوصفها مجرد مرآة لعلاقاتِ القوى العسكرية، بل بوصفها مساهمة في شرح المواقف والدوافع وإظهار الحقوق بتوسل الحجج القانونية والتفوق الأخلاقي للبلد المعتدى عليه. رئيس جامعة القديس جاورجيوس في بيروت. ممثل خاص سابق للأمين العام للأمم المتحدة. وزير لبناني سابق. من مؤلفاته: مسالك وعرة: سنتان في ليبيا ومن أجلها؛ مدينة على جبل: عن الدين والسياسة في أميركا؛ سطور مستقيمة بأحرف متعرجة: عن المسيحيين الشرقيين والعلاقات بين المسيحيين والمسلمين؛ باسم الكتاب المقدس وباسم أميركا (بالفرنسية)؛ الدين والقانون والمجتمع (بالإنكليزية)؛ الدين وحقوق الإنسان (بالإنكليزية).التمرّد والمقاومة في الشرق القديم
هذا الكتاب يقدّم سردًا تحليليًا للتمرد والمقاومة في بلاد الرافدين وسوريا في الألف الثاني قبل الميلاد من خلال الوثائق الأصلية، وهي نصوص مسمارية معظمها مكتوب باللغة الأكدية، وبعضها بلغات أخرى، كالمصرية والحثية والسومرية. يرصد المؤلف حيثيات التمرد وجذوره الاجتماعية والسياسية والاقتصادية (كالتهميش الاجتماعي، والنزعات الانفصالية، والاستقطاب السياسي) ونتائجه (كالتهجير الجماعي للسكان، وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، والتمثيل بجثث الخصوم)، ويخلص إلى أن مهْدَ التمردات وبيئتَها الخصبة كانا المناطق التي تحوّلت إلى طرف أو شبه طرف في المعادلة الإقليمية، أي البلاد التي هُمِّشت وتراجعت مكانتها مع صعود قوًى مركزية كبرى. وفي المجمل، لم تشهد بلاد الرافدين وسوريا القديمة تمردات أو ثورات عارمة، على غرار ما نعرفه من العصور الإمبراطورية والاستعمارية، والسبب على الأرجح هو أن النطاق الجغرافي للسيطرة والإلحاق كان ضيّقًا نسبيًّا، ولم يُؤدِّ بحال من الأحوال إلى تدمير مجتمعات وطبقات وتشكيل أخرى. حكمت درباس باحث وشاعر ومترجم فلسطيني، يعمل أستاذًا في قسم الدراسات الشرقية في جامعة ولاية أوهايو. نال الدكتوراه في لغات الشرق وحضاراته من جامعة لايدن الهولندية. يتركز اهتمامه على التاريخ اللغوي والثقافي للعراق وسوريا في العصور القديمة وعلاقته بالتراث العربي في فترة ما قبل الإسلام والعصور الإسلامية الأولى. صدر له باللغة الإنكليزية عن تقاليد التسمية في اللغات السّامِيّة كتاب Animal Names in Semitic Name-giving (2019)؛ وله كتاب آخر سيصدر قريبًا: رسائل نسائية من الشرق القديم: محفوظات قصر ماري (تل الحريري)، وهو ترجمة ودراسة لوثائق مسمارية من العصر البابلي القديم. له العديد من المقالات باللغتين العربية والإنكليزية، بعضها منشور في دوريات عالمية مُحَكّمة. وله مجموعتان شعريتان: بضعة أمتار ومَجَرّة (2018)؛ لا مجهول سواكَ (2021). ومن ترجماته عن الإنكليزية: العلوم العربية وقيام النهضة الأوروبية (2023).سيد اللعبة: هنري كيسنجر وفن دبلوماسية الشرق الأوسط
100حقيقة مثيرة في حياة الفراعنة
في صالون العقاد كانت لنا أيام
يروي لنا الكاتب الكبير أنيس منصور في هذا العمل الكثير من القصص والحكايات النادرة التي دارت بين العقاد وضيوفه في صالونه الذي كان يديره ببيته، فقد كان أنيس أحد مريدي العقاد للدرجة التى جعلته يقول: «عندما انتقلت من المنصورة إلى القاهرة التحقت بجامعتين في آن واحد؛ جامعة القاهرة، وجامعة العقاد». وكانت جامعة العقاد من وجهة نظره أقرب وأعمق وأعظم.ويأتي هذا الكتاب كاشفًا عن العقول والضمائر والأفكار الراقية التي احتشد بها صالون العقاد في شهادة تاريخية دينية فلسفية تُعرض للأجيال وينقلها لنا أنيس منصور بقلمه الساحر لتمثل كتابًا من أهم الكتب في ترجمات أدبائنا المعاصرين.سعد بن أبي وقاص
يروي الكاتب قصة أحد صحابة رسول اللە ﷺ الذين أثروا الحياة الإسلامية بفكرهم وجهادهم اعتمادًا على إيمانە وعقيدته، متتبعًا مراحل حياتە منذ نشأتە إلى وفاته، ومقدمًا النموذج والقدوة الإسلامية العظيمة بأسلوب قصصي ممتع ومشوّق.عبقرية عمر "رضي الله عنه"
هذا الكتاب ليس بسيرة ذاتية لعمر بن الخطاب، ولا بتاريخ لعصره على نمط التواريخ التي تقصد بها الحوادث والأنباء، ولكنه وصف له ودراسة لأطواره، ودلالة على خصائص عظمته، واستفادة من هذه الخصائص لعلم النفس وعلم الأخلاق وحقائق الحياة.. إن فهمنا لعبقرية مثل هذه الشخصية يعد ترياقًا من داء الحكم؛ لهذا فقد تناول الكاتب شخصية عمر من خلال صفاته وإسلامه، وعمر كرجل دولة وأثره على الحكومة الإسلامية وعلاقته بالرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم"، وثقافته وعلاقاته مع أصحابه وفي بيته.رجال مشاهير - صاحب اللواء مصعب بن عمير
يروي الكاتب قصة أحد صحابة رسول اللە ﷺ الذين أثروا الحياة الإسلامية بفكرهم وجهادهم اعتمادًا على إيمانە وعقيدته، متتبعًا مراحل حياتە منذ نشأتە إلى وفاته، ومقدمًا النموذج والقدوة الإسلامية العظيمة بأسلوب قصصي ممتع ومشوّق.فاطمة الزهراء والفاطميون
يتناول الكاتب في هذا العمل السيرة الذاتية للسيدة فاطمة الزهراء باعتبارها مصدرًا من مصادر القوة التاريخية التي تتابعت آثارها في دعوات الخلافة من صدر الإسلام إلى الزمن الأخير، مع البحث عن مكان الصلة بينها وبين المنتسبين إليها، فيعرض لنشأتها وشخصيتها وزواجها وذريتها وبلاغتها ووفاتها، متعرضًا للفاطميين من حيث نسبهم وعلاقتهم بالباطنية.مصريات عربية
إنها مشاهد منتقاة، وحكايات تراثية، ورحلةٌ شيقة تكشف لنا عن خصوصية مصر ووجهتها، بدءًا من سؤال الهوية.. وعلاقة ماضيها العريق بحاضرها العربي.. رحلة تنطلق من دخول مصر في رحابة الإسلام.. وصولًا إلى مطلع الألفية الثالثة، بحثًا عن خيطٍ ناظم لهذه العلاقة الجامعة بين عروبة مصر وحضارتها الراسخة في قلب التاريخ.. في محاولة لتفسير سر اختلاف مصر عن باقي البلدان التي دخلها الإسلام!! حتى صارت بقلبٍ عربي، وروح إسلامية، وعقلٍ يحتضن مختلف الثقافات والحضارات والديانات التي مرت، واختلط فيه الشعبي بالديني، وامتزج الثقافي بالحضاري، حتى صار الحجر في مصر تاريخًا، والنقش مجدًا، والخط لغة عزةٍ وكبرياء. « مصريات عربية ».. مشاهد ترسم في طياتها لوحة عن فصل مهم من فصول حضارة مصر لتكتمل الصورة.. صورة «مصر العربية .إمبراطورية إمام الكروية
هذه العائلة هى الأولى والأخيرة – حتى الآن – التي تجمع بين الجد والابن والحفيد في نفس اللعبة ونفس النادي. وحبًّا في نادي الزمالك العريق.. ووفاءً لعائلة وإمبراطورية إمام العظيمة.. قررت أن أقدم هذا الكتاب عن أهم أعمدة النادي وفترة من أبرز صفحات كتاب تاريخ الزمالك، وهم أفراد العائلة التي امتد عطاؤهم خالل الفترة من عام 1937 م وحتى تاريخ إصدار هذا الكتاب؛ أي ما يقرب من تسعين عامًا من العطاء المتواصل للجد، ثم الابن، ثم الحفيد.التاريخ السياسي للإمارات العربية المتّحدة
عقب انتهاء الحملة البرتغالية على مداخل الخليج العربي، اشتدّت سواعد سكان «الساحل المتصالح»، وبدأت هجرة القبائل العربية من الداخل إلى الساحل، وعاودت نشاطها القديم في الملاحة والغوص وراء اللؤلؤ. مع اتساع تجارة تلك القبائل، كان عهدٌ جديد من استعمار ما وراء البحار قد بدأ لتضع بريطانيا بحملاتها العدوانية المتتالية على الخليج نهاية لأسطول القواسم، الأمر الذي دشّن عهداً طويلاً وقاسياً. يبحث هذا الكتاب في المعاهدات التي كبّلت شيوخ «الساحل المتصالح» والأسباب المؤدية إلى فرض الهيمنة البريطانية التي تسببت في تأخر ولادة الإمارات المتحدة. استعراض مفصل وموثق يؤكّد أنه لولا التدخل البريطاني، لسارت الأمور في مسارها الطبيعي وظهرت الوحدة الإماراتية في مرحلة مبكرة من تاريخ المنطقة. ثم ينتهي بعرض الجهود التي بذلها الشيخ زايد آل نهيان وولادة دولة الإمارات العربية المتحدة.التاريخ الثقافي للآلم
في "فلسفة الثقافة" تحيل كلمة ثقافة إلى البحث في أيِّ موضوع ممكن أكثر من إحالتها إلى مجال من الموضوعات. لهذا، ينبغي فهم المصطلح ظرفياً بوصفه مُعدلاً modalisant للممارسة الفلسفيَّة نفسها، فهو إن لم يحدّد برنامجاً أو أسلوباً -وما أكثرهما في فلسفة الثقافة- فإنَّه، في الأقلّ يشير إلى نوع من توجيه التساؤل والسمات المشابهة. باختصار، وكمقاربة أوليَّة، نقول إنَّ القضيَّة الأصليَّة لفلسفة الثقافة هي التناقض بين الأشكال التي تتخذها الموضوعيَّة وجعل الشيء موضوعيّاً objectivation [مُجسَّداً] في العصر الحديث، وهي أشكال تظهر تارة كأسباب أو أعراض للاغتراب، وطوراً كشروط ممكنة لأيِّ انعتاق أو تكوُّن خاصّ بالبشر. بهذا تتَّسم فلسفة الثقافة بنوع من أولويَّة الموضوع الذي تخضعه إلى مساءلة نقديَّة، أي أنَّها تسائل الدلالة والقيمة وفاق منظور أخلاقي: فلسفة الثقافة بأشكالها المختلفة تسعى إلى تحيين [تجسيد] نقديّ للفكرة الكلاسيكية المتعلقة بالثقافة التي ينظر إليها بوصفها تثقيفاً ذاتياً (bildung) وعمليَّة فردنةindividuation ، وهي بهذا تفتح باب التفكير على التعليم، وتودّ توسيع اضطلاعها بوظيفة توجيه الآفاق وتحديدها في المجتمعات الصناعيَّة أو ما بعد الصناعيَّة، التي بلغت درجة عالية من الموضوعيَّة والتمايز، وأُشبعت من الناحية الرمزيَّة.منزل في الجبال: نساء مقاومات حرّرن إيطاليا
القصّة الاستثنائية للنساء الشجاعات اللواتي قدنَ المقاومة الإيطالية خلال الحرب العالمية الثانية. آدا، فريدا، سيلفيا، بيانكا، أربع شابات من بييمونتي قاتلنَ كما الآلاف من الرجال والنساء لتحرير إيطاليا. انضممن إلى المقاومة إثر احتلال الألمان بلدهنّ، وفي الجبال المحيطة بتورينو، عشنَ سرّاً حيث صار منزل آدا مقصداً وملجأ للعديد من النساء المقاومات. نهاية حكم موسوليني الفاشيّ، الذي استمرّ عقدين، كانت عنيفة لا رحمة فيها. لكنّ الشجاعة الاستثنائية التي أظهرها الثوار جعلت منهم قوة قتالٍ متماسكة.علي أيوب مقاوم عابر لساحات الوطن
علي أيوب، اسم حفر في تاريخ لبنان عميقًا... مقاومًا، شيوعيًا، جنوبيًا، لبنانيًا، عربيًا... كان ولا يزال رمزًا من رموز حزبنا المقاوم. لقد خطّ بالنار وبالاستشهاد مسار الردّ على الاعتداءات الصهيونية على بلدته عيناتا وقرى الجنوب وعلى اغتصاب فلسطين من العصابات الصهيونية من جهة، وعلى تواطؤ النظام الرسمي العربي وعجزه وارتهانه من جهة أخرى. هو ذلك الفلاح الفقير شأنه شأن كل من نحت من صخور لبنان والجنوب جلولًا للخير؛ راقص شتلة التبغ، شتلة الصمود والمقاومة. فهم طبيعة الصراع، فبين الاحتلال والإهمال كانت كل قرى المواجهة تعاني العدوانين : عدوان عصابات الهاغانا وجيشها العنصري وتخلي النظام اللبناني، صاحب استراتيجية «قوة لبنان في ضعفه»، وعليه كان الرد وفي الاتجاهين، بأن قوة لبنان في مقاومته المزدوجة، ضد نظام الطوائف والمذاهب والتبعية والارتهان وضد العدو الصهيوني المحتل لأرض فلسطين الواقعة على مرمى الصوت والعين من بلدته عيناتا، إلى جانب أقرانها من قرى المواجهة والمقاومة والصمود .مرايا: ما يشبه تاريخاً للعالم
يعيد إدواردو غاليانو في كتابه "مرايا" قص تاريخ الحضارة البشرية على طريقته، مكثفاً ما يراه مثيراً، وطريفاً، وجديراً بالاهتمام عبر مقاطع مقتضبة مُحكمة تتيح للقارئ فرصة التواصل مع الأحداث والوقائع التي يقرؤها كما لو أن التاريخ ينبعث أمامه من جديد. فالمؤلف يعتمد مساراً كورنولوجياً في رواية تاريخ مبني على المفارقات المرّة، ويتوقف عند مدن وشخصيات وأحداث واختراعات شكلّت علامات فارقة في تاريخ البشرية. هكذا نراه ينتقل بخفة بين شتى الموضوعات؛ كختان النساء، دودة القز، الجعة، سانتا كلوز، التانغو، أدوات تعذيب محاكم التفتيش. لكنه وعبر الإيهام بالتشتت يجعل التاريخ بصورة ما منطقياً أكثر ومفعماً بالسخرية المرّة. بانتقائية شديدة وحريّة مطلقة يختار غاليانو بسعة إطلاعه، ما يستوقفه من نقاط بدت له مفصلية في مسيرة البشرية، وتحديداً الأحداث أو الأشخاص المنسيين الذين تجاهلتهم الرواية السائدة للتاريخ، وأرادت طمسهم إزالتهم من الذاكرة الجمعية، كما لو أنه يقول للعالم: "انظر لوجهك الحقيقي منعكساً في مرآة".جامعة الدول العربية وحركات التحرر في المغرب العربي1952-1962
صدر عن "سلسلة أطروحات الدكتوراه" في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب جامعة الدول العربية وحركات التحرر في المغرب العربي: 1952-1962 (الجزائر أنموذجًا). يثبت مؤلفه رشيد ولد بوسيافة مسارًا طويلًا لجامعة الدول العربية موثّقًا بدقّة في التقارير الدورية للأمانة العامة، وفي باقي وثائق جامعة الدول العربية؛ من قرارات، ولوائح، ومناشير، ورسائل، وبيانات، ومضابط جلسات. ويهتم بدور جامعة الدول العربية في دعم حركات التحرر في أقطار المغرب العربي، علمًا أنّ فكرة العمل العربي المشترك كانت بريطانية في الأصل، عندما دعا وزير الخارجية البريطاني أنتوني إيدن إلى إقامة كيان يوحّد العرب، ويعزّز الروابط الاقتصادية والثقافية بينهم. لكنّ الآباء المؤسسين لجامعة الدول العربية جعلوا منها منبرًا لمناصرة قضايا التحرر في العالم العربي، ودعمِ الأصوات الداعية إلى التخلص من ربقة الاستعمار. وقد نالت حركات التحرر في المغرب العربي القسط الأكبر من اهتمام الهيئة الناشئة بقيادة المجاهد عبد الرحمن عزام باشا. عربي - مغاربي مشترك يتألف هذا الكتاب (288 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من أربعة فصول. وفي الفصل الأول، "العمل العربي والمغاربي المشترك: النشأة والتطور"، يركز المؤلف على ظروف تأسيس جامعة الدول العربية ونصوصها الأساسية، وعلى مكتب المغرب العربي الذي أُسس في عام 1947، وقد كان له دور رائد في تأطير حركات التحرر في المغرب العربي. وبحسب المؤلف، يربط أغلب الدارسين إنشاء جامعة الدول العربية بالخطاب التاريخي الذي ألقاه وزير الخارجية البريطاني أنتوني إيدن في 29 أيار/ مايو 1941، الذي قال فيه: "إن العالم العربي قد خطا خطوات عظيمة، منذ التسوية، التي تمّت عقب الحرب العالمية الماضية (الأولى). ويرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة، أكبر مما تتمتع به الآن. وإن العرب يتطلعون إلى نيل تأييدنا في مساعيهم نحو هذا الهدف. ولا ينبغي أن نغفل الرد على هذا الطلب، من جانب أصدقائنا. ويبدو أنه من الطبيعي، ومن الحق، وجود تقوية الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية، وكذلك الروابط السياسية أيضًا [...] وحكومة جلالته سوف تبذل تأييدها التام لأي خطة تلقى موافقة عامة". وكانت هذه العبارات الواضحة حافزًا للدول العربية، المستقلة آنذاك، لتتحرك في اتجاه تحقيق الوحدة، مستفيدةً من الدعم البريطاني لهذا المسعى، وهو الدعم الذي تجدد بعد عامين من هذا الخطاب. مكتب المغرب العربي بعد قيام يوسف الرويسي، بمساعدة من أعضاء من حزب البعث السوري، بإنشاء مكتب المغرب العربي في دمشق عام 1946، وبعيد اختيار القاهرة مقرًّا لجامعة الدول العربية، تنادى زعماء الحركة الوطنية في المغرب العربي إلى مؤتمر في نيسان/ أبريل 1947، وناقشوا فكرة توحيد الكفاح، فـ "اتُّخذ قرار العمل على استقلال تونس والجزائر والمغرب، وعدم الاعتراف بالاحتلال الفرنسي لهذه الأقطار. وانتهى المؤتمر إلى توحيد متطلبات حركات الكفاح في الأقطار الثلاثة في مكتب واحد، هو مكتب المغرب العربي". ويختم المؤلف الفصل نفسه بالقول إنّ فكرة العمل العربي والمغاربي المشترك بدأت ملهمة ووهّاجة، وإن الآباء الأولين الذين أسّسوا الجامعة، ومن بعدها مكتب المغرب العربي، "كانوا يحلمون بكيان واحد للأمة العربية، وذلك واضح من خلال الوثائق التأسيسية لجامعة الدول العربية، بدءًا ببروتوكول الإسكندرية، مرورًا بالنسخة التاريخية لميثاق الجامعة، وصولًا إلى باقي الوثائق، خصوصًا معاهدة الدفاع المشترك؛ فالعمل الميداني لم يكن في مستوى الشعارات التي رُفعت، والنتائج المحققة كانت أقل كثيرًا من الأهداف التي رُسمت في البداية". جامعة الدول العربية وقضايا التحرر في الفصل الثاني، "جامعة الدول العربية وقضايا التحرر في ليبيا وتونس والمغرب"، يتناول المؤلف جامعة الدول العربية والقضية الليبية التي قدّمها "لأن استقلال ليبيا سبق استقلال باقي الأقطار بأعوام"، ويتوصل إلى أن جامعة الدول العربية أصيبت بخيبة أمل كبيرة بسبب المصير الذي آلت إليه القضية الليبية من جرّاء تداخل المصالح الخارجية، ولا سيما النفوذ البريطاني، والاستقلال المنقوص الذي قبل به الليبيون، في ظل نظام الحكم الفدرالي الذي لا يتماشى مع الأفكار القومية الوحدوية التي تدعو إليها جامعة الدول العربية، ويقول إنّ خيبة الأمل تظهر جليّةً في تقارير الأمين العام في أثناء تناوله هذه القضية. كما يبحث المؤلف في القضية التونسية التي انتهت بشبه أزمة بين جامعة الدول العربية والحكومة التونسية التي عقدت اتفاقات مع فرنسا، انقسمت في إثرها الحركة الوطنية التونسية، ودخلت في اقتتال دامٍ. أخيرًا، يعالج المؤلف القضية المغربية التي أظهرت فيها جامعة الدول العربية تعاطفًا كبيرًا إلى درجة أنها ساعدت على تحرير عبد الكريم الخطابي من الفرنسيين، مشيرًا في ختام الفصل إلى أن جامعة الدول العربية تعتبر موريتانيا جزءًا لا يتجزأ من المملكة المغربية: "ولا يوجد في أدبيات الجامعة العربية ما يمكن أن نطلق عليه القضية الموريتانية في هذه المرحلة من تاريخ الجامعة، بل إن في الدورة الاستثنائية لمجلسها في آب/ أغسطس 1960، أُقر قرار للجنة السياسية يعتبر موريتانيا جزءًا لا يتجزأ من المغرب. ولمّا كان المغرب قد استرجع استقلاله - بحسب قرار اللجنة السياسية - فإنه أصبح من حقه أن يمارس سيادته على جميع أجزائه". القضية الجزائرية يُعنى المؤلف في الفصل الثالث، "جامعة الدول العربية والقضية الجزائرية"، بمسألة جامعة الدول العربية والقضية الجزائرية في ثلاث حقب. وقد تحددت المرحلة الأولى من تاريخ اندلاع الثورة إلى نهاية عام 1956، وفيها ركّز على جهود جامعة الدول العربية في التعريف بالقضية الجزائرية وحشد الدعم العربي لها. يقول المؤلف: "إن أهم ما يُسجل في تعامل الجامعة العربية مع القضية الجزائرية، خلال السنتين الأوليين من الثورة التحريرية، التصاعد التدريجي لاهتمام الجامعة العربية بالقضية؛ فكان كلما تأججت الثورة التحريرية، ازدادت حماسة الجامعة العربية لكفاح الشعب الجزائري، مع العلم أن خطابات الأمين العام وتقاريره قبيل اندلاع الثورة الجزائرية وفي أثنائها، لم تكن مع الكفاح المسلح صراحة في بداية الأمر، لكن هذا الخطاب المسالم سرعان ما تلاشى، وحل محله خطاب حادّ، يعتمد الكفاح المسلح لتحقيق استقلال أقطار المغرب العربي". تحددت المرحلة الثانية على مدار عامَي 1957 و1959، وقد كانت مرحلة مفصلية في تاريخ الثورة أدّت جامعة الدول العربية فيها دورًا كبيرًا في دعم القضية الجزائرية في الشارع العربي. ويتضح للمؤلف في هذه المرحلة أن القضية "باتت بحق قضية مركزية للجامعة؛ ذلك أن التطورات الداخلية بداية من عام 1956 أعطت الثورة زخمًا خارجيًّا تعزز مع تشكيل أول حكومة جزائرية موقتة، وانتقلت بذلك اجتماعات الجامعة العربية من الطرح الأدبي للقضية الجزائرية الذي ينبني على الدعم الإعلامي والسياسي والجماهيري، إلى الإجراءات العملية الرامية إلى دعم الكفاح المسلح بالمال والسلاح؛ إذ أُقرت ميزانية خاصة بالجزائر أول مرة". أمّا المرحلة الأخيرة من الثورة، فتحددت ابتداءً من عام 1960 إلى الاستقلال، وهي مرحلة التتويج، وفيها تضاعف اهتمام جامعة الدول العربية بالقضية الجزائرية؛ فجامعة الدول العربية "اتخذت منها مثالًا للنضال والتحرر. وحاول الأمين العام أن يُظهر في تقاريره أن الإنجاز العظيم الذي حققه الشعب الجزائري هو إنجاز للجامعة العربية، ومعها الدول الأعضاء كلها؛ فالنضال كان عربيًا على الصعيد الرسمي وعلى الصعيد الجماهيري، حيث كانت الشعوب العربية كلها تهتف لثوار الجزائر وتقدِّم التبرعات والمساعدات إلى الشعب الجزائري". جامعة الدول العربية وملفات جزائرية كبرى يتناول المؤلف في الفصل الرابع، "جامعة الدول العربية والملفات الكبرى في القضية الجزائرية"، ثلاثة ملفات كبرى: الأول، تقارير الأمين العامة للجامعة العربية ويهتم بها اهتمامًا شديدًا؛ نظرًا إلى أهميتها وخطورتها، والدور الكبير الذي قامت به جامعة الدول العربية في هذه الملفات، مثل الملف الإنساني في الثورة التحريرية، سواء في ما يخص أوامر ممارسة أعمال التعذيب والإعدام التي كان الجيش الفرنسي يقوم بها من جهة، أو في ما يخص أوضاع اللاجئين في تونس والمغرب من جهة أخرى. تضاف إلى ذلك الأوضاع في مراكز الاعتقال التي أقامتها فرنسا داخل الجزائر. وأمّا الملف الثاني، فهو ملف تدويل القضية الجزائرية في المحافل الدولية، ولا سيما في الأمم المتحدة، فقد أدت جامعة الدول العربية أدوارًا كبرى في طرح القضية الجزائرية والمرافعة عنها في جلسات الأمم المتحدة من خلال دولها الأعضاء. وأمّا الملف الثالث، فهو ملف المفاوضات التي تابعتها جامعة الدول العربية، ولم تخلُ تقارير أمينها العام خلال السنتين الأخيرتين من الإشارة إلى هذا الملف. وكان موقفُها من اتفاق إيفيان إيجابيًّا؛ إذ أدلى الأمين العام للجامعة العربية عبد الخالق حسونة بتصريح جاء فيه: "إن يوم 18 [آذار/] مارس 1962 من الأيام المشهودة في كفاح الشعب الجزائري الباسل، وإن جامعة الدول العربية لَتُحيي أبطال الجزائر وشهداءها الأبرار ورجال حكومتها المخلصين، فقد ضربوا لنا أروع الأمثلة في النضال الوطني، وفي الميدان السياسي، واعتزت بهم قضايا الحرية في العالم أجمع". وعمومًا، لم تكن جامعة الدول العربية طرفًا مشاركًا في المفاوضات التي كانت مباشرة بين الجزائريين والفرنسيين، لكنها كانت تتابعها خطوة إثر خطوة. كما كانت تشكل قاعدة خلفية للمفاوضين الجزائريين؛ بالنظر إلى ما تمثله الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية من ثقل دبلوماسي.الهزيمة الغريبة
صدر عن سلسلة ترجمان في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب الهزيمة الغريبة: شهادة نُظّمت في عام 1940، وهو ترجمة عومريّة سعيد سلطاني العربية لكتاب مارك بلوخ بالفرنسية L’etrange défaite: Témoignage écrit en 1940. يمثل هذا الكتاب وثيقة كتبها مؤرخ كبير من خلال تجربته بوصفه ضابطًا في الجيش الفرنسي كان في الميدان عندما اجتاح جيش هتلر بلجيكا واحتل الأراضي الفرنسية، بينما كان الجيش الفرنسي يتراجع من دون خطة، يشرح فيها أسباب الهزيمة يومًا بيوم وسط الفوضى التي ضربت القيادة العسكرية والضباط، قائلًا إن الهزيمة فكرية في الأساس لأنها حصيلة مواجهة بين خصمين ينتميان إلى عصرين مختلفين، فالاستراتيجيا الفرنسية العسكرية تنتمي إلى الحرب العالمية الأولى، بينما كان الجيش الألماني مواكبًا كل التطورات الميدانية والمادية. وفي سياق المقارنة بين الحربين الأولى والثانية، يقول المؤلف إن التاريخ علم التغيير، وإنه يَعلَم ويُعلِّم أنّ أيّ حدثين لا يتشابهان أبدًا في ظروف حدوثهما. لكن المشكلة لا تتعلق برجال الحرب فحسب، فالاستهتار تفشّى في كل المجالات؛ والعيب كان في النظام الذي كان من المفترض أنه ديمقراطي، إلّا أن النظام البرلماني كثيرًا ما كان يقوم على الدسائس. أنا الشاهد يتألف الكتاب (184 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من ثلاثة فصول. في الفصل الأول، "تعريف بالشاهد"، يعرّف بلوخ بنفسه، وهو اليهودي بالولادة من دون أن يُشعره ذلك بفخر أو بخزي، لا يستدعي أصوله اليهودية إلا حين يتعلق الأمر بمواجهة شخصٍ معادٍ للسامية، وهو رفض بين الحربين الكونيتين الاستفادة من تشريعات تعفيه من الخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي، وبقي في عام 1939 نقيبًا، وهي رتبة رقّي إليها في عام 1919، بُعيد مشاركته في الحرب الأولى. أوكلَت إليه هيئة الأركان العامة وظيفة ضابط ارتباط مع القوات البريطانية، ثم أصبح بين ليلة وضحاها الآمر الناهي في مستودعات الوقود "في أحد جيوشنا الأكثر تجهيزًا بالآليات على الجبهة بأكملها"، كما يقول. وعاش الانسحاب الفرنسي من جنوب مدينة ليل، وتدمير مستودعات الوقود. يؤكد بلوخ أنه لم يُكتب له أن يشارك في القتال البتة؛ إذ لم يكن له تواصلٌ مع العسكر إلا نادرًا. وبناء عليه، اضطُر إلى الاعتماد على شهادات من مصادر أخرى تمكّن من جمعها وتقييمها، بفضل الموقع الجيّد الذي كان أشغله. يقول: "لا شك، أن لا شيء يضاهي الملاحظة المباشرة حين تكون النظرة ثاقبة، ولا شيء يمكنه أن يحل أبدًا محلّ الدقة، أو النكهة الإنسانية الضرورية لتبرير بعض الملاحظات. كما لا يمكن أحدًا، من دون شك، أن يدّعي أنه قد يحيط علمًا بكل شيء أو يستوعب كل شيء. لذلك، ليُفصِحْ كلٌّ عمّا يعرفه بصراحة، فمن خلال الحديث تتقارب التفصيلات وتولد الحقيقة". أنا المهزوم في الفصل الثاني، "شهادة مهزوم"، يقول بلوخ إنه لا ينوي هنا كتابة تاريخٍ نقديّ للحرب، ولا حتى تاريخ الحملة العسكرية في الشمال، "فأنا لا أملك الوثائق الضرورية، ولا الكفاءة التقنية للقيام بذلك. لكن، من الآن فصاعدًا، ستكون ثمّة ملاحظات تتّسم بما يكفي من الوضوح بحيث لا يمكن التردّد في الإشارة إليها". يتحدث بلوخ عن أخطاء كثيرة ومختلفة تراكمت آثارُها، "فقادت جيوشنا إلى الكارثة، غير أن ثمة تقصيرًا كبيرًا يهيمن عليها جميعها. فقادتنا، أو الذين تصرفوا باسمهم، لم يجيدوا فهم هذه الحرب. وبعبارة أخرى، كان انتصار الألمان فكريًّا في الأساس، وذلك ما يشكِّل ربّما أخطر ما في هذا الانتصار". لا يدري بلوخ مقدار المسؤولية التي تتحملها مستويات القيادة عند ارتكاب الأخطاء؛ أكانت الجيش الأول، أم المقر العام، أم على المستوى الوسيط، مجموعة الجيوش الأولى؟ يروي: "لا جدال في أنّ هزيمة جيوش نهر الميز ومدينة سيدان، التي أدّت إلى انكشاف الخطوط الخلفية لقواتنا العاملة في بلجيكا، حكمت على تحرّكاتها بفشل لا يمكن تخطّيه. كيف يمكن تفسير عدم تمكّننا من الدفاع عن سهل شديد الانحدار، يقع على ضفاف نهر كبير، ويُفترض أن يكون الدفاع عنه سهلًا للغاية؟ في هذا الصدد لم أتمكن حتى الآن من فك طلاسم هذا الحدث، وهو من أهم أحداث هذه الحرب وربما أكثرها إثارة للدهشة، خصوصًا من خلال ما سمعته من أقوال لا تستند إلى أيّ أسس متينة. ما أعرفه جيدًا هو أن الأمر استغرق وقتًا طوي لاستخلاص العبر الضرورية". يتساءل بلوخ: "إلى أيّ مدى يجوز التحدث عن الفوضى التي كانت تسود قيادات الأركان؟ بغضّ النظر عن اختلاف العادات بطبيعة الحال تبعًا للمجموعات أو الرؤساء، فإن اعتماد مصطلح الفوضى في حد ذاته لا ينطوي على كثير من الدقة؛ إذ إنّ ثمة أكثر من نوع واحد من النظم، وبالتالي، أكثر من نوع واحد من الفوضى". ويختم بلوخ الفصل بالقول إنّ قادة الجيش الفرنسي ما كانوا ليرضخوا للإحباط بقدر كبير من الرضى عن النفس، "وهو واحد من أسوأ خطايا الحكمة، لو أنهم وثقوا بمواهبهم الخاصة. لكنهم كانوا مهيّئين في أعماق قلوبهم، ومنذ وقت مبكر، لفقدان الأمل في البلد الذي كان عليهم الدفاع عنه، وفي الشعب الذي كان يزوّدهم بالجنود. وهنا علينا أن نغادر المجال العسكري، لنبحث بعيدًا في العمق عن جذور سوء فهم خطير جدًّا، هذا إن لم نضطر إلى اعتباره أحد الأسباب الرئيسة للكارثة". أنا الضمير في الفصل الثالث، "فرنسي يفحص ضميره"، يرى بلوخ أن ليس من هيئة مهنية، في أيّ أمة من الأمم، تُعتبَر مسؤولة بالكامل عن أفعالها؛ إذ يتطلب تحقيق مثل هذا الاستقلال الأخلاقي أن يكون التضامن الجماعي على قدر كبير من التلاحم. برأيه، استعملت قيادات الأركان في عملها الأدوات التي وفرتها لها البلاد وعاشت في مناخ نفسي لم تكن مسؤولة عن تكوُّنه. كانت هي نفسها من صنع الأوساط الإنسانية التي انتمت إليها ونتاج الشروط التي سمح بها المجتمع الفرنسي، "لذلك، لن يبقى جندي نزيه مكتوف اليدين خلال الهزيمة من دون أن يعتبر ذلك السكوت بمثابة خيانة بحق الوطن، لذلك كان أن بذل كل ما بوسعه ليذكر بحسب تجربته الشخصية، ما ظنّ أنها رذائل القيادة العسكرية وما ارتكبته. فالإنصاف يقضي بأن تتعدى شهادة الجندي هذه إلى شهادة مواطن فرنسيّ يفحص ضميره". برأيه، يتساوى جميعُ البالغين أمام التهديد الذي يواجهه الوطن والالتزامات التي يفرضها واجب الدفاع عنه، وإن لمن سوء التفاهم اللافت أن يُعترف لأيٍّ منهم، كائنًا من كان، بحصانة أو امتياز ما. ما هو مفهوم كلمة "مدني" في زمن الحرب؟ هو شخص يُعفى من حمل السلاح بفعل سنّه أو صحته وأحيانًا مهنته التي قد تُعتبر ضرورية جدًّا لمهمات الدفاع. فأن يُمنع المرء من خدمة بلاده بالطريقة التي يتمناها كل مواطن هو أمرٌ يشكِّل كارثة ولا شيء يبرّر أن يتهرب المرء من مواجهة الخطر المشترك. يقول: "لا بد من التحلّي بالشجاعة للاعتراف بأن الضعف الجماعي كان في الكثير من الأحيان حصيلةَ نقاط ضعف فردية. فقد لاذ بالفرار موظفون قبل أن يتلقّوا الأمر بترك مواقعهم. ولكم أُعطيت أوامرُ المغادرة قبل الأوان، وفي جميع أنحاء البلاد، وهو ما أحدث موجة نزوح كارثية. من منا لم يلتقِ على الطرقات بين أوساط المنسحبين تلك الأفواج من الإطفائيين منتصبين على مضخات شاحنات البلدية؟ لقد فرّوا، غداة الإعلان عن تقدّم العدو، لحماية أنفسهم وممتلكاتهم! هل تلقّوا أمرًا بالانسحاب؟ أتمنى أن يكون ذلك صحيحًا". ويسأل: "هل كانت برلماناتنا وهل كان وزراؤنا الذين خرجوا من الصفوف على قدر المسؤولية في الحكم؟"، ليختم بالقول: "أنتمي إلى جيل يؤنّبه ضميره باستمرار. فقد خرجنا من الحرب الفائتة مرهقين بالفعل. وبعد أربع سنوات من البطالة، كنا على عجل من أمرنا لاستعادة وظائفنا المختلفة التي أهمِلت بفعل غيابنا. لقد كنا نريد، وعلى جناح السرعة، تعويض الوقت الضائع. تلك كانت أعذارنا، ولكني ما عدت أعتقد، ومنذ مدة طويلة، أنها تكفي لإعفائنا من المسؤولية".المسألة الثقافية في الجزائر
صدر عن "سلسلة قضايا" في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب المسألة الثقافية في الجزائر: النخب - الهوية – اللغة (دراسة تاريخية نقدية) يستعرض فيه مؤلفه ناصر الدين سعيدوني جوهر المسألة الثقافيّة الجزائريّة وجذورَها ونشأتَها وتطورَها ومآلاتها وآفاقَها بنظرةٍ شاملة تجديدية تتجاوز الأفكارَ والصور النمطيّة والأحكامَ المتسرعة القطعيّة النابعة من مواقف أيديولوجية. يتألف الكتاب (664 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من تمهيد، وأحد عشر فصلًا في ثلاثة أقسام. في تمهيد الكتاب، "المسألة الثقافية في الجزائر - المنهج والإشكالية"، يتناول المؤلف منهجية البحث ونوعية الدراسة وحيزَيها الزماني والمكاني، ويقدم نظرة عن الكتابات حول المسألة الثقافية في الجزائر، من العرض التقريري إلى تجديد المقاربات، وينتهي بالمفاهيم والمصطلحات والتعابير المحددة للمسألة الثقافية في الجزائر. إحياء ونخب تقليدية واندماجية يقع القسم الأول، "من صدمة الاستعمار إلى ثورة التحرير: محاولات الإحياء وبذور الصراع الثقافي"، في ثلاثة فصول. في الفصل الأول، "الاستعمار الفرنسي وحركة الإحياء الجزائرية - النخب التقليدية والاندماجية"، يعالج سعيدوني السياسات الاستعمارية وأثرها في المجتمع وثقافته، ومشروع إلغاء الوجود التاريخي والثقافي (الأنثروبولوجيا والإثنوغرافيا الاستعماريتان) وبوادر التيقّظ والإحياء، وحركة الإحياء في نسختيها التقليدية والاندماجية. بحسب سعيدوني، يلاحِظ المهتم بتاريخ الحركة الوطنية الجزائرية أن الدراسات التي اهتمت بتشكّل الوعي الجزائري الحديث، ركزت على هذه الجماعة الاندماجية، "واعتبرت أن أعضاءها يمثّلون طلائع حركة الشبان الجزائريين. وهي تجاري في ذلك تعريف فيري لها خلال زيارته الجزائر (1892)، وتستند في حكمها هذا إلى مواقف بعض أفراد الجماعة الذين تحفّظوا عن السياسة الاستعمارية الفرنسية. لكن الواقع أن ميول هذه النخبة الاندماجية كانت في مجملها ذات توجّهين: توجُّه أول انسلخ تمامًا عن الهوية الجزائرية واندمج تمامًا في الحياة الفرنسية، كما هي حال بلقاسم (أوغسطين) إيبعزيزن (1897 – 1980) الذي اعتنق المسيحية واتخذ من القديس أوغسطين قدوة، واستبدل اسمه الأصلي باسم أوغسطين، وتوجُّه آخر لم يُنكر جزائريته إلا أنه اعتمد الفكر الفرنسي وتشرّب قيمه، وعادى كل ماهو أصيل يربطه بمجتمعه". تيارات وثورة وثورة مضادة يعرض سعيدوني في الفصل الثاني، "الحركة الوطنية الجزائرية: التيارات السياسية الجزائرية المؤسِّسة للمسألة الثقافية"، الوضع الثقافي في الجزائر قبل الثورة والاستقلال، "بالرجوع إلى توجّهات وبرامج التيارات السياسية المكوّنة للحركة الوطنية الجزائرية التي يمكننا التعرف من خلال مواقفها المختلفة إلى تناقضات المشهد الثقافي الجزائري التي أسست للانشطار والتصادم اللذين لا يزالان يطبعان النخب الثقافية الجزائرية من حيث تصوراتها ومنظورها الأيديولوجي إلى اليوم"، متناولًا التوجّه التحرري الإصلاحي والاستقلالي، والتوجّه الاندماجي الليبرالي والشيوعي، ومتوقفًا عند ثلاثة حوادث سياسية "كانت في الوقت ذاته بمنزلة محطات التقاء وافتراق في الحركية السياسية الجزائرية قبل ثورة التحرير؛ فهي تشكّل بداية إجماع جزائري على مطالب محدَّدة، وتعكس التزامًا نسبيًّا للتوجهات المختلفة بثوابت ثقافية وتوجّهات سياسية تؤسس للمستقبل. كما أنها تحمل في الوقت ذاته بذور الاختلاف في القناعات والتصورات، والتي سوف يكون لها أثر مباشر في الفضاء الثقافي في جزائر الاستقلال". وهذه الحوادث هي: المؤتمر الإسلامي (1936)، وبيان الشعب الجزائري (1943)، وحوادث 8 أيار/ مايو 1945. ويتناول في الفصل الثالث، "الثورة التحريرية وإشكالية الثورة والثورة المضادة"، الثورة الجزائرية من حيث العوامل والظروف، ثم مفهوم الثورة المضادة وأسس هذه الثورة المضادة في أثناء الثورة الجزائرية. يكتب سعيدوني: "انطفأت شعلة الثورة التي كانت كلمة الجهاد والشهادة فيها أساس وعي الفرد ومنطلق تجنيده للكفاح، فلم يُستكمل مشروعها، ولم تتحقق طموحاتها في الواقع الملموس، بل بدت بفعل الثورة المضادة عاجزة عن الوصول إلى الهدف المنشود الذي قامت من أجله، بعد أن حُيّدت قوى الشعب الحيّة، لتفسح في المجال أمام التنافس على السلطة والتكالب على المكاسب، وتصدّرت المشهد جماعة المصالح التي حملت شعارات اشتراكية تقدمية، واعتبرت نفسها المجتمع المفيد في مقابل المجتمع المهمش، الذي أطلق عليها بدوره تسمية ’حزب فرنسا‘، واعتبرها طابورًا خامسًا ورثته الجزائر عن العهد الاستعماري لاستعمالها اللغة الفرنسية التي كانت ترى فيها ضامنًا لمكاسبها الاجتماعية، فأعادت إلى الذاكرة الجزائرية بخطاباتها ومعاملاتها صورة المستعمر الفرنسي، ما أدى إلى الشعور بالإهانة والإحباط لدى الفئات الشعبية لكونها صادرة عمّن كان من المفروض الاعتزاز بلغتهم وليس بلغة غيرهم". منظومة الحكم ونخب ثقافية يتكون القسم الثاني، "المشهد الثقافي الجزائري ومعضلة التكامل والاندماج الثقافي - بناء الدولة بين التناقضات الفكرية والاختلافات الأيديولوجية"، من خمسة فصول. يتناول المؤلف في الفصل الرابع، "منظومة الحكم والشأن الثقافي - بناء الدولة"، عهود الرؤساء أحمد بن بلّة وهواري بومدين والشاذلي بن جديد، وفترات حكم محمد بوضياف وعلي كافي واليامين زروال، ثم عهد عبد العزيز بوتفليقة، مركزًا من خلال تناول نظام الحكم في الجزائر وسياسة الحكام الذين تولّوا السلطة على مسألة التعريب وما يتصل بها من إجراءات وتنظيمات ومواقف وقرارات أثّرت في الفضاء الثقافي، وحالت دون استكمال الجزائر استقلالها الثقافي، "من حيث إنها كرّست وضعًا ثقافيًّا يتميّز بالازدواجية في الفكر والسلوك بين أصحاب الثقافة العربية وحاملي الثقافة الفرنسية، وبين ذوي الميول الإسلامية وأصحاب الأفكار العلمانية، وبين مختلف الكتل والعُصب الحاكمة التي ظلت مرتبطة بحزب جبهة التحرير الوطني، قبل أن تتفرع عنه في شكل أحزاب وجمعيات في عهد التعددية". ويعالج في الفصل الخامس، "الفضاء الثقافي الجزائري ودور النخب في صوغه وتفعيله"، مسائل انشطار النخب الجزائرية إلى حداثية متغربة وتقليدية أصيلة، والنخبة التقليدية الأصيلة (المعربة)، والنخبة الحداثية المتغربة (الفرنكوفونية)، وطبيعة النخب الجزائرية ومميزاتها. برأيه، لم تتمكن الجزائر طوال أكثر من نصف قرن من استقلالها من إنتاج نخب ذات صدقية وتأثير في وسطها، أو تمتلك من الإحساس والوعي بدورها ما يمكّنها من فرض نفسها والتعامل مع المجتمع والدولة بوصفها قوة فاعلة وموجهة، بل ظلت نخبها هزيلة، منقسمة على نفسها، متضاربة في أطروحاتها، غارقة في وهم الاصطفاف اللغوي والثقافة النقابية، تعاني التهميش وعقدة الانفصام، معرّضة للاستلاب من الدوائر الإدارية بفعل سعيها إلى تولّي المناصب ونيل الامتيازات، وهذا ما لم يسمح لها بالمساهمة الحقيقية في بناء الدولة الوطنية على أنقاض التركة الاستعمارية الثقافية الهزيلة. الإمبريالية اللغوية يتحدث سعيدوني في الفصل السادس، "عروبة الجزائر من خلال عملية الاستعراب وآفاقه"، عن عروبة الجزائر من خلال عملية الاستعراب أو التعريب الذاتي، وعن آفاق الاستعراب في المجال الثقافي: من اللسان الدارج إلى اللغة الفصحى وجدلية لغة الأم واللغة الأم. يقول المؤلف إن طرح الدارجة بديلًا للفصحى، ومحاولة اعتماد لغة الأم (الدارجة) في المدرسة يجسدان سياسة لغوية ذات بُعد استراتيجي معادٍ للغة العربية ومنافٍ لاستقلال الجزائر الثقافي، وتعود دوافع هذا التوجّه إلى تهيئة الأرضية للنفوذ الثقافي الفرنسي بحرمان الجزائر من اكتساب المناعة الحضارية ومن الارتقاء الثقافي والمساهمة المعرفية الأصيلة التي لا تتحقق إلا باللغة الوطنية، ولا تكون إلا بنجاح عملية التعريب التي تضع حدًّا لسيطرة اللغة الفرنسية، وتحقِّق للفرد الجزائري مستوى ثقافيًّا يحرره من الأسر اللغوي الهجين أو الأجنبي؛ وإلى الحيلولة دون تشكّل فضاء ثقافي مغاربي أصيل يتفاعل ويتواصل مع المشرق العربي: فالدعوة إلى الدارجة وإلى أسبقية لغة الأم تندرج ضمن ما يمكن وصفه بالإمبريالية اللغوية، أي هيمنة اللغات الأوروبية العالمية على الثقافة الإنسانية، واحتواء النخب العربية، ومنها الجزائرية. في الحراك الثقافي الأمازيغي يبحث المؤلف في الفصل السابع، "الحراك الأمازيغي (البربري) في مظهره السياسي وتعبيره الثقافي"، في مسيرة الحركة البربرية وانبعاثها (1962–1980)، وتجذّرها (1980–2018)، والتوجه الانفصالي في هذه الحركة. برأيه، تواجه المطالب البربرية عاملًا سلبيًّا كامنًا في طبيعة المطلب الثقافي في حد ذاته؛ "فالسبب في بقائها على مستوى الأماني غير القابلة للتطبيق لا يعود أساسًا إلى قوى خارجة عنها تعرقل مسيرتها بقدر ما يعود إلى انعدام لغة بربرية معيارية جامعة، وعدم الاتفاق على اختيار رسم الحروف التي تكتب بها (تيفيناغ - عربي – لاتيني)، ووجود جماعات بربرية أخرى خارج منطقة القبائل تتحفظ عن هيمنة الثقافة الفرنسية على دعاة البربرية، ولم يكن لها المسار التاريخي نفسه (الشاوية، ميزاب، التوارق)، في حين أصبح الفضاء الثقافي الجزائري متشبعًا بثقافة عربية ذات بُعدين وطني ودولي وثقافة فرنسية مهيمنة على الواقع العملي والعلوم التخصصية، ما يجعل التوجه الانفصالي عملية انتحارية ونهاية مأسوية للحلم البربري، وهذا ما يتحاشى دعاة هذه الحركة السير فيه ومواجهته، وإن أصبح هذا التوجه مطروحًا ومهددًا بحملة رفض شعبي، ما يعيد الحركة البربرية إلى منطلقاتها الأولى في حال استكمال عملية التعريب والتخلص من هيمنة الثقافة الفرنسية". ويتناول في الفصل الثامن، "الشحنة الأيديولوجية للحراك الأمازيغي (البربري( - البحث عن الخصوصية وتراث مفقود وهوية متخيّلة"، مسألة البحث عن لغة معيارية مفقودة، ومسألة الخط واعتماد التراث الجزائري المشترك للتأسيس للخصوصية البربرية، والبحث عن إثنية بربرية ذات خصوصيات قومية، تحميل التاريخ معطى أيديولوجيًّا ومضمونًا عرقيًّا. يلفت سعيدوني إلى أن القول بوجود لغة معيارية تُعرف باللغة الأمازيغية التي تجمع شتات اللهجات البربرية "هو ادعاء لا يقره الواقع اللغوي المتميز بوجود لهجات بربرية مستعملة محليًّا في بعض المناطق، التي لم تتأثر بعدُ بظاهرة التعريب الذاتي )الاستعراب) التي تدفع نحو انسجام لغوي على الأمد الطويل". وبرأيه، يكمن سبب عدم وجود لغة بربرية جامعة ذات مستوى علمي ومظهر ثقافي في أن اللسان البربري بمختلف لهجاته "لم يكن يومًا لغة دولة أو وسيلة أدبية أو أداة إدارة أو خطاب عقيدة، سواء في فترة ما قبل الإسلام عندما كانت اللغة اللاتينية تحتل الفضاء الثقافي باعتبارها اللغة الرسمية والأدبية، أو بعد انتشار الإسلام منذ القرن السابع الميلادي، عندما أصبحت اللغة العربية لغة الحكام والإدارة والعقيدة والثقافة، فأقبل عليها البربر طواعية لكونها لغة الوحي التي تحمل كلام الله، وهذا ما جعل إنتاج البربر الأدبي ومساهمتهم المعرفية يعبّران عن نفسيهما قديمًا باللاتينية، وفي الفترة الإسلامية بالعربية، وفي العهد الاستعماري بالفرنسية والعربية". تعريب وإصلاح يبحث سعيدوني في القسم الثالث، "التعريب والصدام بين مشروعين ثقافيين"، ثلاثة فصول. في الفصل التاسع، "التعريب في الجزائر بين مد وجزر"، في محطات التعريب في الجزائر، وفي قانون تعميم استعمال اللغة العربية وتجميده، وفي العوامل المعوِّقة للتعريب. برأيه، حالت دون اكتمال مشروع التعريب وتطوره في الجزائر، باعتباره عملية بناء للهوية واسترجاع الانتماء الوطني والإحساس الحضاري، أسباب وعوامل معيقة يمكن إجمال أهمها في: غياب مشروع وطني يؤسس للمجتمع والدولة في الجزائر بعد الاستقلال اعتمادًا على اللغة العربية؛ وانعدام خطة محكمة لتنفيذ عملية التعريب؛ وطغيان الخطاب الديماغوجي المضلِّل الذي عُرف به بعض الحزبيين والسياسيين المعارضين ضمنيًّا للتعريب، واعتمده أغلب الإداريين؛ وضعف الوعي بالدور اللغوي لدى النخب المعربة والاستلاب اللغوي الذي اتسم به الفرنكوفونيون. ويدرس في الفصل العاشر، "المنظومة التربوية ومسألة إصلاح التعليم"، تطور المنظومة التربوية وإصلاحاتها، ونظام حكم بوتفليقة و"إصلاح" الإصلاح ولجنة بن زاغو وإجراءات بن غبريط. يقول المؤلف إن محاولة إصلاح المنظومة التربوية بيّنت فقدان النظام الجزائري سيطرته المُحْكمة على المدرسة، "فما عادت مكانًا لإنتاج أجيال من المتعلمين كما يريدهم الحاكم لتبرير سلطته وإحكام قبضته، بل غدت، بفعل التحديات التي تعيشها الجزائر، مجالًا لتعبئة وحراك أحبط أهداف الإصلاح التربوي كما تصورته لجنة بن زاغو، ولم تحظ الفرنسية بالمكانة الأولى لغةً للبرامج كما أُريد لها، ولم تُلغ مادة التربية الإسلامية، ولم يُطبّق تدريس الفرنسية لغةً أجنبية ابتداءً من السنة الثانية كما كان مقررًا، ولم تستطع جماعات الضغط أن تفرض آراءها، ما أرجع الأمور إلى نصابها". أداة تموقع وهيمنة يتناول المؤلف في الفصل الحادي عشر والأخير، "اللغة الفرنسية: أداة تموقع أيديولوجي وهيمنة اقتصادية واجتماعية"، مزاحمة العربية للفرنسية وتشكّل فضاء الازدواجية اللغوية، وهيمنة حرب الاسترداد اللغوية - الفرنسية على أجهزة الدولة والمصالح الإدارية، وتحول النظام إلى عرّاب للفرنسية في عهد التعددية، إضافة إلى مسألة الجزائر والفرنكوفونية أي كون الفرنسية في الجزائر مسألة ثقافية. يكتب سعيدوني: "مع حضور اللغة الفرنسية في الجزائر بقوة واحتلالها حيّزًا مهمًّا من الفضاء الثقافي ومنافستها الشديدة للغة العربية، أصبحت مسألة التعددية اللغوية في الجزائر مطروحة بحدة، ولا سيما بعد اعتماد التعددية السياسية وتراجع دور الدولة في النشاط الثقافي والحياة الاجتماعية، في وقت لم تكتمل عملية التعريب ولم تُحسم المرجعيات الثقافية للمجتمع الجزائري في غياب مشروع ثقافي حقيقي. وهذا ما طرح التعددية اللغوية في مستويين: الأول ذو طابع شعبي، والثاني ذو جوانب علمية؛ فمن حيث الطابع الشعبي المتعلق بالتعددية اللغوية، أثيرت قضية الفصحى والدارجة واللسان العربي واللسان البربري، ما أحدث اضطرابًا في الرؤية فخلط المنظور السياسي بالهدف الأيديولوجي، وغُيبت الحقيقة اللغوية واعتُبرت اللهجات العربية الدارجة لغات جزائرية تعادي اللغة العربية السائدة وتنافسها في المدرسة والتي يتعامل بها المجتمع".حيفا في الذاكرة الشفوية
تتبعٌ لتاريخ خمسة أحياء في مدينة حيفا، هي: العتيقة، والكولونيّة الألمانية، وعبّاس، ووادي النسناس، ووادي الصليب، من خلال روايات ذاتية لأفراد سكنوا الأحياء الخمسة، يسردون تاريخ عائلاتهم وتفاصيل حياتهم اليومية؛ إذ تجمع هذه المرويات سير الناس وسيرة المدينة وفلسطين عامة، إضافة إلى صور من ألبوماتهم الشخصيّة تتعقب تاريخ المدينة، وتمثل انعكاسًا للتطوّرات التي طرأت عليها، وما شهدته من أحداث منذ نهاية الفترة العثمانية إلى أيامنا الحاضرة. المؤلف: باحثة فلسطينية تعيش في مدينة حيفا. شاركت صُورها الفنية والتوثيقية في معارض عدة. تُحاضر في جامعات ومراكز ثقافية في موضوعات: الهوية والانتماء، أنسنة المكان والزمان. تُرشد جولات تثقيفية في مدينة حيفا ضمن مشروعها "حي وزقاق"، والذي يشمل محاضرات وورشات عمل في موضوعيّ مذكرات الناس والتاريخ الشفوي.إستوغرافيات تركية
يطرح تصوّرًا متكاملًا حول الهوية التركية وتحوّلاتها، وكيفية استعمال التاريخ العثماني ضمن أدوات أخرى في خدمة هذه التحولات، وهو خلاصة قراءة دقيقة للتيارات والكتابات التأريخية التي طبعت الحقب التاريخية المختلفة. ويعالج كيفيّة كتابة الأتراك تاريخ الدولة العثمانيّة منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى بداية سبعينيات القرن العشرين؛ حيث يتناول الكتابة التاريخية في زمن التنظيمات (1860-1908)، وكذلك تحوّلاتها في المرحلة الدستورية الثانية (1908-1924)، وفي السنوات الأولى من الحقبة الجمهورية (1924-1938). إضافة إلى ذلك، يرصد الكتاب عودة الدراسات العثمانية إلى واجهة البحث التاريخي في الفترة الممتدة بين عامي 1938 و1973، بعد رحيل مصطفى كمال أتاتورك، حيث يرى المؤلف أنه لا يمكن تناول هذا النوع من الكتابة "بمعزل عن التطورات السياسية التي عرفتها تركيا عقب رحيل كمال، لا سيما تلك المتعلقة بتبني الدولة للتعددية السياسية"، التي أفسحت المجال لانتقاد الأطروحات الكمالية. المؤلف: أستاذ التاريخ بمعهد الدوحة للدراسات العليا، رئيس تحرير مجلة أسطور للدراسات التاريخية منذ أيلول/سبتمبر 2014. أستاذ سابق بجامعة محمد الخامس بالرباط، وأستاذ زائر في العديد من الجامعات العربية والأجنبية. له العديد من الدراسات، وساهم في كتب جماعية، منها تاريخ المغرب: تحيين وتركيب (2011)؛ كرونولوجيا تاريخ المغرب؛ تاريخ مدينة فاس؛ موسوعة المغرب. أشرف على العديد من الكتب الجماعية وحرّرها، منها حفريات ومراجعات؛ من إيناون إلى إستانبول؛ العثمانيون والعالم المتوسطي؛ الرحلة والغيرية؛ السفر في العالم العربي الإسلامي؛ المغارب بين الأرشيفات المحلية والمتوسطية. له في حقل الدراسات العثمانية المغرب والباب العالي من منتصف القرن السادس عشر إلى نهاية القرن الثامن عشر (1998)؛ العثمانيون: المؤسسات والاقتصاد والثقافة (2008). كما اهتم بأدب الرحلة فنشر نصين مع دراستين وافيتين: سفير مغربي في مدريد (2005)؛ جنة الكفار: سفير عثماني في باريس 1721 (2018).المناخ والحضارة: بلاد الرافدين نموذجا
يناقش العلاقة بين المناخ والحضارة في بلاد الرافدين خلال ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد. وقد اختيرت بلاد الرافدين نموذجًا لدراسة تلك العلاقة لسببين: أولهما أن هذه المنطقة هي منطقة انتقالية تتلاقى عندها الأنماط المناخية العالمية المختلفة، مصحوبة بالتنوع الطوبوغرافي، الأمر الذي يؤدي إلى تنوع أنظمتها المناخية زمانيًا ومكانيًا. وأي اختلال في التوازن أعلاه يقود إلى تغيرات مناخية حرجة؛ السبب الثاني هو أن بلاد الرافدين تعد مهد الحضارات الإنسانية الأولى الناضجة في جميع جوانبها المادية، وأن العماد الاقتصادي لهذه الحضارات هو الزراعة والإنتاج الزراعي، وأي تغير في المناخ له تأثيرات مباشرة في الإنتاج وما يتبعه من تأثيرات في الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية، وأخيرًا السياسية. الاستنتاج الرئيس لهذا الكتاب هو أن المناخ كان العامل الحاسم في توجيه مجتمعات بلاد الرافدين، سواء بشكل مباشر وكان أكثر وضوحًا في الشمال، حيث الاقتصاد المعتمد كليًا على الزراعة المطرية، أو غير مباشر، كما هو الحال في الجنوب. المؤلف: أستاذ التغيرات المناخية المساعد في قسم الجغرافيا (كلية الآداب، جامعة بغداد). نال الدكتوراه في علوم الأرض في الجغرافيا (تغيرات مناخية) من جامعة وارسو في بولندا. له عدد من الكتب المؤلفة ونشر العديد من البحوث العلمية في مجلات محلية وعالمية رصينة. عضو هيئة تحرير مجلة الآداب الصادرة عن كلية الآداب، جامعة بغداد .الترجمان " من يكتب السيناريو "
مثل: "التحولات التاريخية الكبرى" و"أنماط التحولات التاريخية"، ثم الموضوع المهيمن على الأحداث وهو "تزييف التاريخ لصالح الصهيونية". بالإضافة لأسئلة من نوعية: كيف تسير حياتنا؟ التسيير والتخيير، كيف تكتب مصائر الناس، وكيف أن كل خطوة تحدث في حياة سمير تكون لها أكبر الأثر بعد ذلك؟!تاريخ خليج الإسكندرية القديم وترعة المحمودية
يعد عمر طوسون واحدًا من أبرز الأثريين والمؤرخين بمصر في النصف الأول من القرن العشرين، كانت له العديد من الاكتشافات الأثريّة، وقَدَّم الكثير من المؤلفات التاريخية التي تناولت تاريخ مصر، منها على سبيل المثال كتاب «مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن»، و«الجيش المصري في الحرب الروسية المعروفة بحرب القرم» وقد وجَّه طوسون اهتمامه في هذا الكتاب نحو النيل باعتباره شريان الحياة فيها، ونبع الحضارة، ومصدر تماسك المصريين منذ فجر التاريخ.السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثالث)
يؤرخ هذا الكتاب الواقع في ثلاثة أجزاء لتاريخ السودان منذ القدم حتى بدايات القرن العشرين، حيث يبدأ المؤلف رحلته التأريخية في الجزء الأول منذ عهد الفراعنة والبطالمة والرومان ويستعرض في إطار ذلك ممالك السودان وسلطناته وإماراته وقبائله ودياناته، وهجرة القبائل العربية إليه، ومعاصرته للمماليك والأتراك، وحتى قيام الثورة المهدية، ثم يتنقل المؤلف في الجزء الثاني من الكتاب إلى أحداث القضاء على الثورة المهدية واتفاقية عام ١٨٨٩م، كما يتناول الأبعاد الجغرافية والزراعية والتجارية والمالية والتعليمية السودانية، ثم يعرِّج في الجزء الأخير من الكتاب على تراجم الأمير عمر طوسون حول السودان، والهيئات التي اشتركت في البعثة الاقتصادية المصرية إلى السودان، مع وصف رحلتها والنتائج التي توصلت إليها.الآثار النبوية
يُسَطرُ هذا الكتاب نفائس الآثار المحمديةِ بين نقوشِ جدران التاريخ، وقد أشار الكاتب أنه لم يَعْمَد في هذا الكتاب إلى سردِ ما دُوِّن عن الآثار النبوية الشريفة التي اختصَّ بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ وإنما عَمَدَ إلى التحدث عن الآثار التي اشْتُهِرَ بها، مُجْلِيًا معالم تلك الآثار في تاريخ البلدان والأقطار، وقد تناول الكاتب في هذا الكتاب مآثر النبي الكريم والتي اسْتَهَلَهَا بِذِكْرِ تاريخ البردة الشريفة وما حظِيَتْ به من حفاوةٍ واهتمام في عهد الدولة العباسية حتى حطَّتْ رِحَالهَا في رحاب الدولة العثمانية، ثم ذَكَرَ مآثِرَهُ الأخرى؛ كالقضيب، والخَاتَمِ، والسرير، والعمامة، والرِّكابِ، والسيف، وشَعْرات النبي، وأحجار النبي، موضحًا جغرافيتها في مصر وغيرها من البلدان كالقسطنطينية، ودمشق، والطائف، ومكة.السهم المسموم
يستطيعُ الأديبُ حينما يرسم بأدبه الأحداثَ التاريخيَّة الهامَّة، أن يجعلنا نشعرُ بأننا نعاصرُ الحدثَ ونحيا فيه. هذا هو ما قام به (علي الجارم) حينما صوَّر إحدى حلقات الصراع بين الدولتين العباسيَّة (في عهد الخليفة الرشيد) والبيزنطيَّة (في عهد كلا من ريني، ونقفور الأول). وفي خِضَمِّ هذا الصراع العسكري تتجلى شجاعةُ (نزار) الذي ترك محبوبته (حفصة) ملبيًا نداء الحرب؛ فحقق الكثير من البطولات، ولكنَّ البيزنطيين تكاثروا عليه وأسروه. وفي القصر أُعجبت به الإمبراطورة وحاولت أن تستميله إليها ولكنَّه أبى فسجنته. ويستمرُّ الصراع العباسي–البيزنطي، ويستطيع (نزار) أن يطَّلع على خطة البيزنطيين فيهرب من سجنه بمساعدة (هيلين) بنت كبير البطارقة التي أحبته، ويحذر المسلمين من خطة الروم، ويفتح (هرقلة) ويعود إلى حفصة التي تاقت لرؤيته.موسوعة مصر القديمة (الجزء العاشر)
«مَثَلُ الباحثِ في تاريخ الحضارة المصرية القديمة، كَمَثَلِ السائح الذي يجتاز مَفَازَةً مترامية الأطرافِ، يتخللها بعض وديان ذات عيون تتفجر المياه من خلالها، وتلك الوديان تقع على مسافات في أرجاء تلك المفازة الشاسعة، ومن عيونها المتفجرة يطفئ ذلك السائح غلته ويتفيأ في ظلال واديها؛ فهو يقطع الميل تلو الميل عدة أيام، ولا يصادف في طريقة إلا الرمال القاحلة والصحاري المالحة، على أنه قد يعترضه الفينة بعد الفينة بعض الكلأ الذي تخلف عن جود السماء بمائها في فترات متباعدة، هكذا يسير هذا السائح ولا زاد معه ولا ماء إلا ما حمله من آخر عين غادرها، إلى أن يستقر به المطاف في وادٍ خصيبٍ آخر، وهناك ينعم مرة أخرى بالماء والزاد، وهذه هي حالة المؤرخ نفسه الذي يؤلف تاريخ الحضارة المصرية القديمة، فالمصادر الأصلية لديه ضئيلة سقيمة جدًّا لا تتصل حلقات حوادثها بعضها ببعض، فإذا أتيح له أن يعرف شيئًا عن ناحية من عصر معين من مجاهل ذلك التاريخ؛ فإن النواحي الأخرى لذلك العصر نفسه قد تستعصي عليه، وقد تكون أبوابها موصدة في وجهه؛ لأن أخبار تلك النواحي قد اختفت للأبد، أو لأن أسرارها ما تزال دفينة تحت تربة مصر لم يكشف عنها بعد.»نهضة مصر
يتناول الكتاب السيرة الذاتية للزعيم الراحل «عبد الخالق ثروت» في إطار من المقارنة والمناظرة التاريخية مع غيره من الزعماء السياسيين كالزعيم «سعد زغلول»، و«كافور» — زعيم من الزعماء السياسيين في إيطاليا — وهو نهجٌ يبرهن على ذكاء الكاتب؛ لأن البرهنة على عظمة أي شخصية سياسية كانت، أو أدبية، أو علمية لا يتأتى إلا حينما نرى العظماء أندادًا في عرض مآثرهم الشخصية. وتأتي المقارنة في المظاهر والصفات التي يتجلى فيها الشرف والعزة من حيث السجايا الأخلاقية والمواقف السياسية، ما أعطى لشخصية عبد الخالق ثروت بُعدًا إنسانيًا وتاريخيًا في قاموس العظماء.تاريخ ما قبل التاريخ
يتناول هذا الكتاب تلك العصور السحيقة من التاريخ، والتي سبقت ظهور الحضارات القديمة، حيث يحاول «عبد الله حسين» أن يناقش مسألة ظهور الحياة على الأرض ونشوء الإنسان، وما صاحب ذلك من إنتاجٍ عقليٍّ وماديٍّ. ويرفض المؤلِّف اختزال التاريخ في الحضارات التي مارست عملية التدوين فقط، مُتمرِّدًا على هذا النوع من التأريخ المختزِل؛ وذلك لاعتقاده بأنَّ ثمة تجاربَ إنسانيَّةً ثريةً يمكن الاستفادة منها لم تُدوِّنها أقلام البشر، ولذلك فقد تطلَّبت عملية البحث والتنقيب عن هذا التاريخ ما قبل المُدوَّن اعتناءً شديدًا من المؤلِّف بالبحوث الفلكيَّة والجيولوجيَّة والأثريَّة، إلى جانب النظريَّات الفلسفيَّة والعلوم النظريَّة والتطبيقيَّة، وبعض الدراسات المتَّصلة بالآداب والفنون والسياسة.الهدية التوفيقية في تاريخ الأمة القبطية
منذ بدايات العصور التاريخية، كانت كلمة «قبطي» تُطلَق على الإنسان المصري القديم، ولم يكُن هذا الاسم في ذلك الوقت يحمل في طيَّاته أيَّ دلالة دينية، ولكن عقب دخول العرب ﻟ «مصر» أثناء الفتح الإسلامي، أصبح لهذه الكلمة دلالةٌ أخرى، فصارت تُعبِّر عن معتنقي الديانة المسيحية تمييزًا لهم عن غيرهم. عن كل ذلك وأكثر، يحدثنا «توفيق عزوز» في هذا الكتاب، شارحًا لموجز تاريخ الأقباط في «مصر» منذ فجر التاريخ حتى العصر الحديث، فيعرفنا على أصلهم وسبب تسميتهم بهذا الاسم، ويتحدث عن بعض عاداتهم القديمة المشهورة، ودياناتهم ولغتهم، وأعظم ملوكهم وحُكامهم، مشيرًا إلى الصراع التاريخي الطويل الذي خاضه ملوك الأقباط لأجل الحفاظ على حُكمِهم للبلاد، هذا بالإضافة إلى الوقوف على أحوال الأقباط في العصر الحديث، فيذكر لنا أهم أعيادهم، وأشهَر مدارسهم وكنائسهم وجمعياتهم.النسر الأعظم
عديد من المؤلَّفات التاريخية تناولت – وما زالت تتناول – عهد نابوليون بونابارت الأول؛ إمبراطور فرنسا، رجل الدولة الحاذق، والمحارب الداهية الذي تُدرَّس حملاته العسكرية في المدارس الحربية حول العالم، وفي هذا الكتاب يسلِّط «يوسف البستاني» الضوء على جوانب مثيرة من حياة ذلك النسر ذي الجناحين الضافيين، واللذين يخبِّئان في طياتهما شخصيةً فيها من الرِّقة والحزم ما فيها. يصحبنا المؤلِّف في رحلة تبدأ بمولد نابوليون في بيتٍ عانى أوضاعًا مادِّيَّة سيِّئة، ثمَّ نرى كيف أخذ منحنى حياته بالتغير إثر التحاقه بمدرسة باريس الحربية، فسرعان ما تحوَّل الفتى الفقير إلى جنرال مهيب، وقع في غرام جوزفين زوجته الأولى، ولم يكن ثقل الأعباء الملقاة على عاتقه يمنعه من أن يكون زوجًا وأبًا مُحبًّا، وبين الحبِّ والحرب كانت انتصارات النسر وانكساراته صفحة من صفحات التاريخ جديرة بالقراءة والتأمل.