شارل وعبد الرحمن
تدخل رواية «شارل وعبد الرحمن» ضمن سلسلة روايات تاريخ الإسلام. وتتناول الرواية ذلك العصر الذي بلغت فيه الفتوحات العربية والإسلامية بلاد فرنسا، وضفاف نهر لورا بجوار تورس، كما تتناول ما واكب هذه الفتوحات من أحداث ووقائع تاريخية، وشخصيات عربية وأجنبية لعبت دوراً مهماً في هذه المرحلة التاريخية، كشخصية شارل مارتل أو «قارلة» كما كان يسميه العرب، حيث كان رئيس البلاط ودوق الفرنكيين ومؤسس الإمبراطورية الكارولينجية، واستطاع أن يتصدى للفاتحين العرب والمسلمين عند تورس وردهم عن أوروبا في معركة بلاط الشهداء ٧٣٢م.شوية رتوش بقلم كحل
نحن الذين نشتاق إلى الشمس في بلادنا، بلادنا التي كانت عروس الشمس نحن الذين نبحث عن مآذن الشام من على ظهر قارب . نشتم ياسمينها، فنبكي لأنه برائحة الدم . نحن الذين نموت في اليوم ألف مرة وفي الصباح نأسف مجدداً من الموت لنكمل الطريق نحن الغرباء فلا أخ لجدنا ولا لمثل جرحنا توأم ..الهجير: جنة رياح
- اسمي أفق رضا جواد الحوراني . الاسم : أول استعارة نمارسها في هذا الكون على أنّها نحن . نخيط من اللّغة معطفًا يحتوينا بعد أن نولد بدقائق؛ لأننا نعلم أن البردَ سيقتلنا إذا ما بقينا عراةً دون اسم يخبئنا تحت معناه . نتدثّر به، يصير نحن، ويختزلنا ببضعة أحرفٍ إلى الأبد .الشرق الحرام
هذه كتابة جديدة، تُشرع الباب لأفكار إبداعية مختلفة لم تغزُ بعد الشرق العربي كبزنس ثقافي، طالما أنّ عنصر التكثيف اقتصرعلى التقنيات الأسلوبية للأنساق الشعرية على تنوعها، بينما ظلتْ الكتابة النقدية والتأملية للسياق التاريخي والسياسي والاجتماعي، كتابة فضفاضة ومستفيضة، لا تَسْتَهْوي قارئًا عجولاً، يَضيق بالإفراط اللغوي؛ في زمن الوجبات الثقافية السريعة التي تتيحها الشبكات العنكبوتية بخدمة مفتوحة ومجانيّة، تشبع مساحته الافتراضية .لتكن معجزة
أحيانًا نحتاج إلى معجزة في حياتنا .. إلى شيء ما يجعل ما هو مستحيل يتحقق. ماذا لو الحل الوحيد لتصبح أنت المعجزة وتحقق أنت المستحيل مثلما فعلت “حسرة” في الرواية.. أرادت “حسرة” أن تجمع شمل عائلتها وأخواتها بعد أن ذهبت كل منهن في اتجاه مختلف فهى الأخت الكبيرة التي ربت أخواتها البنات مع زوجها عزيز حتى يموت زوجها وتقتلها الوحدة فتلجأ إلى حيلة ذكية للم الشمل مجددًا مؤمنة أن المستحيل يمكن أن يحدث ! تدور أحداث الرواية في إطار شيق وكوميدي.قصة عرش العراق
هي لعبة مدفوعة بالضرورة إلى استذكار نهايات متلاحقة، رغم أنها لا تنتمي إلى اليأس، ولم يزعم التشاؤم أنها من عوانسه، لكنها تشبه “قوانة”، موت معاد يتنقل بنا بين نهايات شرسة ومتعاقبة. لا يوجد مهرب من نهايات العروش في هذا البلد، تدهورت أحواله بشدة، ومن المحال أن تعود كما كانت. أوه… لا يهم الآن مَن منّا المُحِق، كلانا متعادلان في اللعبة، وسيتمّ بمقتضى هذا الأمر تسوية وضعية البداية، حسنا بأي استذكار سنلهو؟ وأيّ واقعة سنختار؟ لا جدوى من أي مُستَهَل. النهاية هي التي ستختار بدايتها، وهي التي ستلتحم بها، وهي التي ستشيع جنازتها إلى المصير الأخير. في البلد الميّت، نلاقي الكثير من الجثث، أكواماً من النهايات المحتومة والمرسومة، المبكرة والمتأخرة. لا شيء اسمه بداية، هه، أيّ بداية؟ العراق ركب الزحليقة”!قصّة حلم
«من كان يتخيّل أن إسماعيل عمران، مفسّرَ الأحلام الشهير وعالم الفيزياء، يُخفق في تفسير حلمٍ تكرّرت رؤيته له؟ هو يسعى إلى إثبات أن الإنسان يمكنه السيطرة على أحلامه، بل صناعتها. لكن في بحثه حلقة مفقودة لا يعرف ما هي، حتى تصله أمانة من والده المتوفّى. يبدأ رحلة طويلة لتفسير حلم والده، متنقلاً من بلد إلى بلد، متجاهلاً عيوناً كثيرة تراقبه ونساء يُحطنَ به من كل جانب. ولمّا كاد يصل إلى نتيجة، اصطدم بحقيقة غابت عنه، وهي أقرب ما تكون إليه .تمّ تحويل الرواية إلى مسلسل تلفزيوني بعنوان «صانع الأحلام»خادمات المقام
لم تكن ليلة هانئة تلك التي رست فيها جثّة المرأة ذات البطن المنفوخ على شاطئ جزيرة فيلكا. لكنّ إرادة مقام سيدنا الخضر، الذي يرجو أهلها معجزاته ويخافون غضبه، أخرجت الحياة من قلب الموت ليأتي «وليدُ المقام». عذبة التي تكتم سراً خطيراً تعلم تماماً أن قصّة المقام ليست إلّا حيلة من حيل ماريا، الحبشيّة التي قررت أن تقلب مسار حياتها لتصير سيّدة المقام! بين أيدي خادمات المقام، عاش الطفل بانتظار قدره. قدرٌ تشابك مع أقدار أهل فيلكا الغارقين في معارك حبّ وخيانة وشعوذة وتجارة.الحياة السريّة للأشجار
لم تعد فيرونيكا. ينتظرها جوليان، زوجها، بينما تنام ابنتها دانييلا. كل ليلة يخترع جوليان قصة عن الحياة السريّة للأشجار يرويها لدانييلا قبل النوم. لكنّ هذه الليلة مختلفة. متى ستعود فيرونيكا؟ سؤال يتردد في ذهن جوليان وهو يواصل العمل على روايته الأولى. تتتابع الساعات وتتوالى الذكريات والأسئلة: ماذا لو لم تعد فيرونيكا أبداً؟ ماذا لو قرأت دانييلا روايته في سن العشرين، أو الثلاثين؟ قصة حب وشغف، قصة ليلة واحدة ورواية قد لا تكتمل.حرمان
لوحتان يصدف للراوي أن يقف أمامهما وهو في سن العاشرة. تثيران فيه أسئلة يقضي حياته محاولاً العثور على أجوبة عنها. الطفل السمين الذي يعاني سخرية من حوله من سمنته كان شاهداً على العنف الدمويّ الذي خلّفته حرب استقلال بلده الجزائر. بين العنف الذي تصوّره لوحة «معركة الزقاق» للواسطيّ، والمسالمة التي تبثها لوحة «مسجد ساحة الحاكم العام» لألبرت ماركيه، سيجد نفسه باحثاً في تاريخ بلده الذي كان واقعاً تحت الاستعمار الفرنسي وساعياً إلى التحرّر، ويراه اليوم تائهاً في طريقه نحو المستقبل.الهدهد... إن حكى
صورة ساحرة وعميقة لثلاث نساء يبحثن عن الحرية. سلمى سعيدة في زواجها. تحاول أن تنسجم مع حياتها في بريطانيا. عندما يتصل بها حبيبها الأول، تغريها المخاطرة بكل شيء. موني هجرت وظيفتها من أجل ولدها المعوَق، لكن زوجها يطلب منها أن تنتقل معه إلى السعودية. إيمان تشعر أن جمالها عبءٌ عليها. تزوجت ثلاث مرات وتتوق إلى الانعتاق. تنطلق الصديقات في رحلة إلى المرتفعات الأسكتلندية حيث يزورهن طائر الهدهد. حكايات ذلك الطائر المقدس تدفعهنّ إلى التّساؤُل عن التضحيات التي قدمنها باسم الحب.هناك في شيكاغو
من الرواية: تاریخ هذا الیوم حفظته ذاكرتي، موعدي مع محمود درویش وغسّان كنفاني، وربّما القدر، یوم تلا أیّامًا انطوت برتابة، انتظرته بصبر شدید وشوق، الریاح خیَّبت أملي، وأتت بما لم یكن في حسباني، صوت زخّات المطر في الخارج أرهقني، وسلب حماسي من النّهوض مبكرًا بعد الیوم الشّاق الّذي قضیته في إكمال بحث خاص بدراستي البارحة، كثیرة هي الأمور الّتي تقف عائقًا أمام رغباتي...خبز الغجر
ربما ...بعيداً عن أي مسميات هل تذكرون أني أخبرتكم عن نظرية الاقتصاد السلوكي قبلاً؟ همهمة فهمت منها التجاوب بعفوية: إنه يعتمد بشكل رئيسي على الثقافات وتفاصيلها وتركيبها وتنوعها وميول مجتمعاتها. أمر قد يبدو غريباً ولكنها الحقيقة لدراسة الاقتصاد ومنذ عقود وجد أنه يتوجب علينا دراسة المجتمعات وثقافاتها وليس هذا فحسب بل علينا أن نعي ما هو علم نفس المجتمعات. رجل ستيني يجلس في المقدمة، قال لي لماذا يهيمن الآخرون على فكرنا ومسار مجتعاتنا؟! ابتسم رجل آخر في الثلاثين من عمره يجلس قرب نافذة وقال: الحقيقة أننا من يجب أن يتحكم في ذلك وبكامل إراداتنا نصنع طريقنا الذي يوائم طموحاتنا ونوقف مسألة التسيير في حدها .... ربما التعريف الحقيقي للاقتصاد السلوكي كما جاء على لسان صاحب النظرية: أن يكون كل منا له الجي بي اس الخاص به، أي كل له نظام تحديد المواقع الخاص به يسيره في مسلكه في إدارة الاقتصاد. قالت هذه الجملة فتاة في العشرينات من عمرها..رقصة الجنازير
من الرواية: مع عبارة (دانييلا) انسحب كيانه كلُّه من رحلته الداخلية، وعاد بسرعة البرق عبر الزمان والمكان.. من خضرة غرب كردفان الوريفة قبل أربع سنوات عبر آلاف الأميال ليستقر داخله من جديد، في المنضدة الطرفية داخل مقهى البجعة الذهبية، في نيويورك الولايات المتحدة الأمريكية في زمننا الحاضر.. ولوهلة لا تعدو نبضة قلب حدّق في وجه دانييلا وقد خامره شعور شديد بالدهشة والتعجب.. أين أنا؟! وماذا أفعل هنا ؟! ومَن تلك الحسناء التي تجلس معي؟.. شعور غامر بأن كل ما حوله جديد عليه ولم يره في حياته من قبل، أفاق منه بعد ثانية واحدة.. هو طبيب ويفهم ماذا تعني ظاهرة الـ(جامي فو) وهي لفظة فرنسية تعني (لم يشاهد من قبل) عكس الـ(ديجافو) أي (شوهد من قبل)..حين يتأخر الدم في الوصول للمخ تحدث هذه الظاهرة، وقد تكلم عنها محمد سيد كثيرًا لأنه يعشق قراءة كتب علم النفس وهو الآن قد ترك كسله ويشق طريقه ليتخصص في ذلك المجال.. جامي فو.. ثلاث سنوات من عمري ما هي إلا عبارة عن (جامي فو) طويلة.. كان من المفترض أن أكون الآن في المستشفى في بحري وقد فرغت لتوي من مساعدة مستر (إبراهيم نمر) أخصائي الجراحة هناك في استئصال طحال طفل مصاب بـ(أنيميا البحر المتوسط)، وبعدها كنت سألتقي بأماني في كلية الطب، لنتغدى سويا وأسألها عن رأي أخيها في طلبي لكي آتي لزيارتهم في البيت يوم الجمعة لأتعرف عليه وأطلب منه يدها.. كنت سعيدًا مثل طفل في صباح العيد وأنا أعبر ممر المستشفى حين أوقفني عند الباب ذلك الشاب الأنيق، وأبرز لي بطاقته وطلب مني أن أرافقه بهدوء.منعطفات حادة
ليس من السهل أن تفلت من سحر عوالمه ما أن تبدأ بمراودة الصفحات الأولى لهذه الرواية، وكلما حاولت طيَّ الصفحات، تفتحت في ذهنك أسئلة جديدة، وتفتقت عوالمُ من دهشة قد لا تفهم إلى أين تقودك، وضحكات تختلط بغصة غريبة، قد تكتشف أنها كانت دائما هناك، معلَّقةً في زاوية من زوايا جبنك اللاإرادي، تبتسم وأنت تلقي بآخر الأسئلة، كيف لهذا السارد، الطفل، المراهق، الذكي، الغبي، القادر، المتلعثم، الوقح، الخجول، أن يعري ما صمتَّ عنه دائما؟ وأن يقول ما لم تقله حتى لمراياك؟ هل سيوغل أكثر في الكشف عما استتر؟ أم تراه سيلوذ بجبن يشبهك، ويختبئ خلف مداورة الكلام ومراوغة المعنى؟ ضحك يشبه البكاء، وبكاء غارق في الضحك، وذكاء سردي نادر يتقنه براء شلش بخبث العارف، المتمكن. ورواية مختلفة، تتعرى من كل منطقية الذهن الاجتماعي الاعتيادي أو المتوقع، لتخلق واقعها الذي قد يبدو جنونيا، وقحاً، ساخراً ومؤلما في الوقت نفسه. جهاد أبو حشيشحبيبتي السلحفاة
المرأة هي الحبّ وجوهر الفنّ وسرّ الحلم.هي الجمال والمرآة، الجوهرة النادرة، التطريز والوشم، وشموخ الاعمدة في كل العصور. في جوّانيتي امرأة خازنة، طافحة، معلّمة، أبحث في صورها وملامحها وصفاتها عن ذاتي التي شكّلتْها عبر المراحل العمرية المتتابعة منذ ما قبل المدرسة والمراهقة حتى عمر النضج. المرأة التي شيّدَت بنياني النفسي..في جوانيّتي مخزون الحبّ العارم للمرأة. مفتون أنا بأبجدية الحشد العظيم من النساء وعوالمهنّ الفسيحة، تجلِّيات صورهن في الواقع والحلم. حملتني وحملتها في رحلة العودة إلى فلسطين، ورقصت السلاحف رقصتها في العرس الأبدي. إنها رواية المرأة بامتياز.وعدي لأليخاندرو
من الرواية: نظرت في أعماق عينيه، آلمها أنه ما يزال يعتبرها غريبة عنه بشكل ما، وهي التي صارت تعتبر نفسها جزءاً من نسيج بلاده، وتساءلت في نفسها: "ألم تكن كلّ السنوات الماضية كافية لتعرفني كما أنا؟ لتعرف كيف أفكر وماذا أريد؟ لماذا ترفض أن أكون جزءاً من هؤلاء الناس الذين احتضنوني منذ لحظات وصولي وما زالوا يفعلون"؟ قالت بلطفها ذاته لتفهمه أنها لن تغادر: - لو كان الأمر معكوساً أكنت لتتركني وتهرب؟ سنبقى هنا ولن نغادر. لم تنتظر إجابة على سؤالها، لكنها أرادته أنْ يتفهم موقفها، بأنّها تعتبر نفسها جزءاً من كل هذا الذي يجري، قال بكل خوفه عليها وقد عيل صبره: - لماذا لا تريدين أن تفهمي أنها الحرب؟ قالت حاسمة الأمر: - أعرف أنها الحرب، وأعرف أننا إمّا أن نعيش معاً أو نموت معاً.حانة الخنفساء
عن الرواية: رواية سريعة النفس، كل صفحة من صفحاتها عالماً قائماً بذاته ولذاته، تستعير من الصفحة السابقة ما يشابهها وتفرض على الصفحة التي تليها ما يغايرها، لتمثل نموذجاً متألقاً لرواية عربية تستلهم أجواء السرد الأمريكي اللاتيني بكل سماته العضوية من شخصيات وأحداث وحبكة، تتوافر فيها كم هائل من التفاصيل الصغيرة التي تتراصف لتشكل الصورة الكلية لقرية نائية في جبال الأنديز بسكانها الأصليين وثقافتها الفريدة وعالمها الغريب. يتخذ الكاتب حانة يجتمع فيها غرباء القرية مسرحاً لروايته، بسردٍ استشرافي لصراعهم مع العالم، معيداً تشكيل المشهد كما يشاء وبكل حرفية ووعي.وقائع جبل مويا
من الرواية: وكم تساءل في سرّه: "هل يمكن أن يكون ذلك الرجل عادياً، ينام ويستيقظ ويلتهم وجبته ساخنة؟ هل يزيل عرقه بخنصره ويقذفه بعيداً؟ أيفرغ معدته ويدفن مخلفاته اللزجة أسفل حجر أو كوم رمل كما تفعلها القطط؟ هل يعتمر قبعته ويتدلى كفاه من عصاه الملساء الغليظة كذيل الحصان؟ أتُعجبهُ إحدى النساء؟ أو يثور لأجل الماء وسُقيا أبقاره كأهل القرية إن منع أحدهم الماء؟ لا يبدو ذلك، فهو كائن مُختلف عنّا تماماً، إنه وحش كئيب في انتظار قيامة هائلة، يترك حبله في جوف قاربه ليرتكب أفظع الشنائع وأقذع المنكرات. إنه خنزير وحشي يمقت الله في خلقه وفي ذاته. هو نصف شيطان رغم أن مظهره لا يوحي بذلك، سأجد دليلاً على شكوكي مهما كلّف الأمر". هناك حديثٌ تناقله الأفندية عن الرجل، زاعمين أنه يهودي، وأن أجداده هم السبط الثاني عشر، والذي هاجر جنوباً نحو الجبل المقدس. والرجل الكبير في نظر الأهالي كان طيباً وحكيماً يضحي لأجلهم، خصوصاً وأنه قد أقدم على توسعة المدرسة، كما وعد بإحضار مدرّسين مختصين ليعلّموا الأطفال الحرف المختلفة.كابوس في أعين مفتوحة
من الكتاب: إنّ حركة الكون لن تتوقّف لمجرَّد أنّ رجلاً متزوّجاً يبلغ من العمر ثلاثة وستّين عاماً، قرَّر أن يتزوَّج مرَّة أخرى من المرأة التي أحبَّها بصدقٍ، وظلَّ حبّها يعشش في قلبه وروحه طوال سنواتٍ وسنواتمِسْعَدة
من الكتاب: الأهم الذي اكتشفه الناس على مر السنين وردده الكثيرون، أن مسعدة تركت جزءاً من نفسها هناك، في ذات المكان الذي استشهد فيه أحمد. قال البعض أن ما يراه الناس ليس سوى ظلها، وأقسم البعض أن هذه الصبية قِدّيسة في ثياب امراة، أو ملاك من ملائكة السماء. الأكيد في كل ذلك أن تلك الصبية الجميلة لم يعد يؤثر عليها الزمن ولا حتى تغيرات المناخ، كانت صبية جميلة وظلت كذلك، الكل يكبر ويشيخ من حولها وهي كما هي، تزداد جمالاً وشباباً، تحيض وتنتظر رجلاً حقيقياً لتصنع الحياة. أكد البعض أن هذه المعجزة تمت كي يبقى دم أحمد طرياً نقياً، لا ينساه أحد أبداً، وأنها ربما تستعد لاستعادة نفسها التي ظلت هناك تراقب دم أحمد وأبي صالح وهو بين الأشجار يسيل.مزاد علني
عندما تجرأوا على بيع الأوطان.. وعندما كان هم الوطن خنجر من ألم مغروز في خاصرة الأبناء.. وعندما كانت سلمى والوطن وجهان لعملة واحدة.. تجرأت حروفي على الخروج على شكل رواية مزاد علني....كيف تقتل زوجتك؟
أنا لست كبيركم الذي يعلمكم السحر ولا صغيركم الذي يمسك سكينًا كي يقشر تفاحة فيجرح قلبه أنا أوسطكم في منتصف العمر، أبحث عن جريمة لا أتعامل مع الكهنة والعرافات وقارئات الفنجان ومقدمات نشرات الأخبار أنا فقط أستخدم بخور الكلام لأغراض الذبح الحلالفاتنة
كان قد ملَّ من تلك الكليشيهات الجاهزة، والكلمات المصفوفة التي تسمى بالمحادثات في هذا الزمن، لقد سمعها كلّها من قبل، وبدأ الناس بنظره بالانصهار معًا، متحولين إلى ذلك الكيان المطاطي بلا ملامح محدّدة، كان عليه أن يعمل طوال اليوم ويتبعثر في عالمه طوال المساء، وربما يشرب في عطلة نهاية الأسبوع لكي يمرّ يومه بسلام دون أن يسرح فكره في عبثية الوجود، في تلك الليلة كان قد فرغ من نشر أحد أعماله الشعرية البسيطة على الإنترنت، فقد كان يكتب النثر والشعر كهوايةٍ جانبية، أحيانًا كان يتقصد أن يكتب شيئًا تفهمه العامة، وأحيانًا كان يكتب أفكارًا أكثر تعقيدًا، أحيانًا كتابات حزينة، وأحيانًا رومانسية، وفي بعض المرات تكون كتاباته ساخرة.فحلقت لحيتي
جاءت الرياح هذه المرة بما يشتهيه ليجد نفسه داخل أحد الجماعات الدينية التي تسعى إلى كل ما تشتهيه أنفسهم معتمدين في ذلك على المظهر لا الجوهر وتناسوا أن الدين يكمن في الصراط المستقيم قبل أن يكون ركعات وصيامروح تعبث بي
روحها تعبث بي .. أشعر بها داخلي تتلمس قلبي وجسدي، تحادثني وتسمع همسي..! تراني ولا أراها، روحها لا تفارقني في صبحي أو عند غسقي، تشبثي بها يبقيني على قيد الحياة، رغم أني لا ألتقيها أبدا، إلا أنها بقربي كقرب وريدي لقلبي .لا جدوى من السؤال
ماذا يحدث حين تتولى أسرة على شفا الانهيار رعاية طفلة تعاني من الاضطراب؟ تقضي هانا البالغة من العمر 11 عامًا أسبوعًا مع أسرة نايلاند، لكنهم سرعان ما يكتشفون أنها ربما تكون نعمة لهم أكثر من كونها عبئًا عليهم، وأن ترك هانا تذهب أصعب عليهم بكثير من إبقائها معهم.الصبي الذي مات ثم عاد إلى الحياة
متُّ أوّلَ مرّة وأنا في الثّالثة من عمري، وكانَ موتي نبوءةً صادقة، ولِدت معَ عمّة أمّي، مغنّية الأوبرا، التي رأت موتي يلوحُ في أوراق الشّاي قبل أشهرٍ قليلة من حدوثهِ . إلّا أنّها لم تقل شيئا عن الأمر إلا بعد مضيِّ فترة طويلة، ولكنَّ موهبتها تلكَ، لم تخبرها بأمرٍ مهمٍّ : أن أُبعثَ من الموت إلى الحياة من جديد . حينَ بلغتُ التّاسعة، متُّ مرّة أخرى . في هذه المرّة، انسلّت روحي من جسدي ومضت عبر نافذة أحد مشافي ملبورن، حيثُ كانَ جسدي مسجّى في غرفة العمليّات . اعتقدتُ حينها أنّني سأمرحُ قليلًا في مدينة الملاهي الشّاطئيّة، فانتهى بي الأمر بقضاء حياة كاملة في عالمٍ آخر . فلم تكن العودة بكل هذه الذكريات إلى جسد طفلٍ صغيرٍ بالأمر الهيّنِ .نساء البنّ
هاجسهم النساء والحب في بلاد يتحارب رجالها ويتقاتلون، لكنها تفتح لهم جميعاً أبواب الطموح والحلم. جميل بشارة الحالم بالثروة والحب، رضوان مراد الفيلسوف الغاوي والمتحدث اللبق، إبراهيم جعفر الأرمل الحزين المتصابي، ليس من بينهم تركي حقيقي واحد، لكن دأب أهل البلد على تسمية المهاجرين من أراضي السلطنة العثمانية بالأتراك. إنها بداية القرن العشرين في مقاطعة باهيا في البرازيل...مزرعة الحيوانات
حيوانات تكسر قيودها وتثور. لن ترضخ بعد اليوم لتسلّط مالك المزرعة المخمور ولا عمّاله الجهلة. تتمرّد. تستولي على المزرعة وتقرّر إدارة شؤونها بنفسها. تبدأ تطبيق العدالة الاجتماعية والمساواة سعياً وراء نظام اجتماعي وسياسي يحفظ حقوقها وكرامتها. غير أنّ السلطة مفسدة، ولن تلبث الحيوانات أن تعيد إنتاج ممارسات مالكها الذي ثارت عليه. إنّها تحفة جورج أورويل التي يفكك فيها بأسلوب ساخر ممتع مفاهيم السلطة والديكتاتورية والثورات، ويمضي عميقاً في تحليله للخلاص الذي يتطلع إليه الإنسان على مرّ العصور..أوروبا حضارة التعب وعواطف الإسمنت
من الكتاب: هنا الوقت يمضي سريعاً، والحياة تبدو قصيرة جداً، هنا لا وجود للجن وليس للسحر مكان، لا ملائكة ولا اهتمام أو اعتقاد بأية ظواهر ما وراء الطبيعة ولا الخوف من شيء، إلا الخوف من الفشل والمستقبل المجهول! هنا لا نفقد إنسانيتنا، بل إنّها تُسلب منا، ويتم صياغتها بحسب قوانين البلاد ونلبسها من جديد. هنا ما يحدث في أوروبا يبقى في أوروبا.عشاق من زمن غابر
من الرواية: نظرت في أعماق عينيه، آلمها أنه ما يزال يعتبرها غريبة عنه بشكل ما، وهي التي صارت تعتبر نفسها جزءاً من نسيج بلاده، وتساءلت في نفسها: "ألم تكن كلّ السنوات الماضية كافية لتعرفني كما أنا؟ لتعرف كيف أفكر وماذا أريد؟ لماذا ترفض أن أكون جزءاً من هؤلاء الناس الذين احتضنوني منذ لحظات وصولي وما زالوا يفعلون"؟ قالت بلطفها ذاته لتفهمه أنها لن تغادر: - لو كان الأمر معكوساً أكنت لتتركني وتهرب؟ سنبقى هنا ولن نغادر. لم تنتظر إجابة على سؤالها، لكنها أرادته أنْ يتفهم موقفها، بأنّها تعتبر نفسها جزءاً من كل هذا الذي يجري، قال بكل خوفه عليها وقد عيل صبره: - لماذا لا تريدين أن تفهمي أنها الحرب؟ قالت حاسمة الأمر: - أعرف أنها الحرب، وأعرف أننا إمّا أن نعيش معاً أو نموت معاً.ساقطات مع وقف التنفيذ
ساقطات مع وقف التنفيذ، قصة امرأتين لكل منهما حكاية مختلفة. لم أجد عنواناً آخر ألفّ به أوراق الحكاية التي بين سطورها قد يجد كل رجل نفسه بين سطر أو آخر، وقد ترى كل امرأة مرحلة من حياتها مرّت بها بين مشاعر متقلّبة. إنها قصة حقيقية تحاكي واقعاً مغلفاً بقشور كما هي، صوّرت بحروف على ورق سحبتها من حقيقة ما كان حلماً، من حاضر قد يكون مستقبلاً وربما كان ماضياً دون شهود. جميلة عبّاني د. جميلة عباني، طبيبة لبنانية، خريجة جامعة القديس يوسف (جراحة في طب الأسنان وأمراض الفم). “ساقطات مع وقف التنفيذ” باكورة إنتاجها الأدبي.مرافئ الحب السبعة
جئتِ كالحُلم وكالحُلم مضيتِ. حلمٌ لن يُنسى. وبقيتُ أنا أغوص في أعماق ذاتي، أغرز رايات انكساري، وأبحث عن كُنه الحبِّ. آه لو أنَّي أعرف سرَّ الحبِّ، لأدركتُ سرَّ وجودي، وسرّ رحيلي، وأسرار العيون التي تحيّرني ألغازها. ولكن عقلي عاجزٌ عن إدراك أيّ شيء. ستمضي حياتي موشومةً بثلاث نسوة: امرأة أرادتني وأردتها، ولكن القدر لم يُرِدنا معاً؛ وامرأة أرادتني ولم أُرِدها فكسرتُ قلبها، وظلَّ ضميري مصلوباً على خيبة أملها؛ وامرأة أردتُها، ولكنّها لفظتني ولم أستطِع نسيانها. وأنت المرأة الأخيرة، يا أثيرة. هل أستطيع أن أحتفظ بالماضي كما هو في ذاكرتي المزدحمة بالذكريات، دون أن أعيد تشكيل أحداثه في ضوء الحاضر؟' وإذا كانت هذه الفقرات تلخّص العلاقات العاطفية للشخصية الرئيسية في الرواية، سليم الهاشمي، فإن الرواية، في جوهرها، هي رواية الغرباء والمهجَّرين واللاجئين والمنكوبين، تصوّر معاناتهم النفسية، وتغوص في أعماق وجدانهم، لتكشف عن خيباتهم وانكساراتهم وآلامهم. فسليم يضطر إلى الهرب من العراق مع صديقه زكي، إثر انقلابٍ عسكري في بغداد، واللجوء إلى لبنان. وبعد اغتيال زكي في بيروت بتدبير من سلطات بلده، فرّ سليم الهاشمي إلى أمريكا لمواصلة دراسته العليا. بيدَ أنه، بعد أن حاز الدكتوراه، أُصيب بمرض الحنين، والشوق بلهفة إلى الوطن: ' يا وطني المستحيل! إني أفتّش عنك منذ سنين، بين ركام الذكريات، وأبحث عنك في فضاءات الأوجاع والأحزان والفجائع والمقابر الجماعية. أتسقّط أخبارك،... فلا يصلنى إلا صدى أنينك، وأنتَ بين مخالب اللصوص، وتحت سكاكين العتاة والطغاة والغزاة...مفتاح سليمان
من بين زخم الروايات العربية وكثرة مؤلفيها ظهرت في الآونة الأخيرة على ساحة الأدب العربي رواية جديدة فاقت توقعات قُراء الرواية ، فبعد سنوات طويلة تم فيها تصنيف الرواية العربية من حيث اتجاهاتها فمثلا هناك روايات الأكشن وروايات الرعب وروايات الخيال العلمي وغيرها.. أطل علينا المؤلف والروائي أ(حمد بدران) بروايته الجديدة معلنا من خلالها عن إلغاء الحدود والتصنيفات في أدب الرواية حيث جمعت رواية (مفتاح سليمان) في أحداثها بين الرعب والتاريخ والخيال العلمي وأيضا الأكشن ، ومن المعروف أن الرواية قد أثارت بعض الجدل مؤخرا على بعض الصفحات التاريخية والمواقع لما تتناوله من أحداث تاريخية خطيرة في مصر لا يعرف عنها الكثير . فأدت المفاجأة إلى رفض كثير من الناس تصديق هذه الحقيقة ، مما دفعهم إلى البحث حول حقيقة الأمر ..حتى ما لبثوا أن عادوا ليعلنوا في تعليقاتهم عن تأكدهم من صحة هذه الأحداث.. رواية (مفتاح سليمان) تدور في إطار من الغموض والإثارة حول رسالة مشفرة بذكاء من عالم مصري لابنته قبل اغتياله تقودها مع بعض الأشخاص إلى التورط في أحداث مريبة حتى يتوصلوا إلى ذلك السر المختبئ وراء العديد من البنايات التاريخية الشهيرة والذى يُعد سرا من أسرار التاريخ رسالة مشفرة بذكاء شديد تركها أستاذ في علم الفلك لإبنته قبل إغتياله فأرشدتها لشخص يمر بظروف مريبة أجبرتهما على التعاون معا لكشف غموض أشخاص لا وجود لهم وحالات انتحارغير منطقية بالمره ، ليتورطا معا فى خوض جولة آثرية مخيفة عبر أضرحة وابنيه من العهد الفاطمى بمصر مشفرة من السلف على نحو تتابعى ، وعبر دروب الاسرار واجهوا اهوالاً مفزعة ، لكن نهاية المطاف حيث مكان شهير للغاية كانت المفاجأة الاشد هولا .. وقتها فقط علمنا الحقائق .. وياليتنا ما علمنا . عن الكاتب • الكاتب أحمد بدران كاتب وروائي مصري • كتب القصص القصيرة للعديد من المواقع والجرائد الالكترونية • صاحب صفحة رعب السائرون ليلًا • نشرت له قصص في سلسلة كتب العائدون التابعة للجمعية المصرية لأدب الخيال العلمي • فاز في مسابقة إبداع الكبرى للقصة القصيرة على مستوى العالم العربيأنا ونامق سبنسر
سمعت خطواته وهي تنتقل من الغرفة الثانية الى المطبخ, ومن المطبخ الى الحمام, بعد ان فتح التلفزيون على قناة عربية راحت تبث اخبارا عن الشرق., فلسطين العراق, لبنان, الصومال, افغانستان, مع مشاهد لحوارات وانفجارات ومواجهات مسلحة, لم تكن جديدة عليّ بكل الاحوال. فأنا ومنذ زمن, وطنت نفسي على حقيقة هي أننا اليوم نعيش في غابة, وهذه الغابة تحاول ان تجد لنفسها نظاما معقولا للعيش, الا انها تخفق كل مرة وكل مرة تعاود الكرة من جديد. وهذا شيء جيد من وجهة نظري. أعتقد بأن رواية الروائي شاكر الأنباري تتضمن موضوعاً سياسياً وإنسانياً مهماً، ألا وهو الأمن والاستقرار وأهميتهما الحيوية بالنسبة لحياة الإنسان والشعوب. ويشير الكاتب في سياق الرواية بأن هذين العاملين المذكورين لا يكتسبان طعمهما الحقيقي إلا عندما يتوفران في الوطن الذي ولد الإنسان فيه وترعرع في كنفه. وهذه الفكرة هي رسالة الرواية، على ما أعتقد، وكما سنرى لاحقاً. إن بطل الرواية الذي أنهى دراسته الجامعية وصديقه نامق مدرس التاريخ، يهربان من بغداد ويصلان إلى إحدى قواعد الأنصار، وذلك لكي لا يتحولا إلى وقود لحرب عبثية هي الحرب العراقية - الإيرانية. ويترك الصديقان قاعدة الأنصار، قبل أن ينخرطا في الحركة الأنصارية، ويخرجا من العراق، ويصلان إلى الدنمارك عبر طهران ودمشق، مجتازين صعوبات جمة، وينضم إليهما نادر الذي يصادفوه ويصادقوه في مخيم كرج في إيران. يلاحظ أن بطل الرواية الرئيسي تتنازعه نزعتان الأولى: "كوزموبوليتية، "أي نزعة إنسان لم يعد ينتمي إلى مكان بعينه.... إنساناً كونياً" ص 22. وهذه النزعة تجد تعبيرها أيضاً في البيتين من الشعر التي تتصدر الرواية وهي للشاعر الصوفي محي الدين بن عربي المتوفي في عام 1240 ميلادية والتي تقول: رأى البرْقَ شرقيّاً، فحنّ له ولو لاحَ غربيَّاً لحنَّ إلى الغربِجسد محرم
تضمّ المجموعة القصصية جسد محرم تسعة عشر نصّاً قصصيّاً، تخوض في موضوعات عدة، ومن عناوينها: "النداء الأخير أيقظها"؛ "أرجوانيّة الهويّة"؛ "أربعون سنة رجلاً"؛ "إنتبه عذريّتي!"؛ "أنا زوجة ثانية!"؛ و"مونوز ترقص على الجفون". ومن قصّة بعنوان “الأبوَّة” نقتطف: قام من مرقده وسار نحو النافذة مثقلاً، لا توافيه الذاكرة بأي ماض. تحوم في ذهنه بضع أفكار ضوضائيّة، يعجز عن تحديد مصدرها. ضجيج علا خارجاً أفاق سكون أذنيه. رأى امرأة ترتدي فستاناً أزرق تعبر الطريق وتنظر بطرف عينيها إلى شبّان يقفون قرب الزاوية، ثم أطرقت برأسها وأكملت سيرها بخفّة يمامة وغنج غزالة. ضرب ذيل فستانها السماويّ الذي تماوج مع هبوب الريح أطراف ذاكرته، فحرّك فلول الماضي الراكد فيه. دقائق وعادت الشابّة مواجهة له هذه المرّة وفي يدها باقة ورد صغيرة أثارت في نفسه شيئاً. زاد من تأمّله لها، فغاصت ذاكرته في عينيها البنّيتين وثغرها الرقيق. لا حقها بعينيه لاهثاً وهي تقترب من منزله. فتحت البوابة الكبيرة بكل ثقة ودخلت الحديقة، فلمع شعرها البنّي الممتزج مع أشعة الشمس في وجهه، وانعكس صوراً غامضة في ذهنه. توجّهت المرأة نحو بلاطة بيضاء تعلو العشب قليلاً، وضعت الباقة عليها وتلمّستها بحنوّ فشعر هو بلمساتها تنصبّ اليه زئبقاً. إنها ابنته التي استودعها قبل خمسة عشر عاماً، وكان هي ابنة الثلاثة عشر ربيعاً، لقد باتت امرأة يافعة مفعمة بالحياة من دون أن تنسى ذكرى موته في هذا اليوم المقدس، يوم ولادة المسيح.ابن أرلندا
رواية «روكامبول» هي مجموعة قصصية ألَّفها الروائيُّ بونسون دي ترايل، وهي سلسلة تُجسِّد أحداثُها الصراعَ القِيَمِيَّ الأبديَّ بين الخير والشر، والعدل والظلم. وتتنوع شخصيات هذه القصص بين الفرسان المُقدِمين أصحاب البطولات، والفتيات الفاتنات، والمجرمين الأنذال، والكهنة والوعَّاظ. ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من القصص لاقى نجاحًا كبيرًا في فرنسا في القرن التاسع عشر، وهي قِصص مشوِّقة للغاية، كُتِبت على طراز «شيرلوك هولمز» و«أرسين لوبين»، استطاع المؤلف من خلالها أن يصل بقُرَّائه إلى أقصى أنواع المتعة والتسلية؛ لدرجة أنه حين توقَّف عن إصدار سلسلتها طالَبَه القرَّاءُ باستكمالها مرة أخرى. وقد ترجمها «طانيوس عبده» إلى العربية ترجمةً لا تقِلُّ في تشويقها عن الأصل الفرنسي.كثيرًا ما يكون الجمال نقمة على صاحبه؛ فلولا جمال الأم التي كانت فتنة للناظرين، وابنها «رالف» ذو الطلعة البهية والشعر الأشقر؛ لما دفعت بهم الأقدار إلى تلك الحياة البائسة. تدور أحداث الرواية في «إنجلترا»، حيث تركت الأم وابنها وطنهما «أرلندا». ومنذ أن وطئت أقدامهما أرض إنجلترا حاذا على لباب الناظرين؛ فقد أُعجب السير «بالمير» بجمال الأم، وسعى للوصول إليها، كما استطاعت «فانوش» أحد شياطين الإنس أن تخطف ابنها، وعهدت به إلى إحدى العائلات الثرية، بعدما أوهمتهم أنه ابنهم وحاولت قتل الأم الحقيقية، غير أن الرحمة غرست في قلوب قاتليها، عندما شاهدوا جمالها. ولأن الحق الذي وراءه مطالب لا يضيع برغم مرور الزمان، يعود «ابن أرلندا» إلى أحضان أمه مرة أخرى.حِذَاءُ الطُّنْبُورِيِّ
بطل هذه القصة ليس «الطنبوري» لكنه حذاؤه، ولكل منهما دور كبير في هذه القصة، فبدون أحدهما تصبح القصة مملة ورتيبة، لكنها بهما معًا كانت مسلية وغاية في الإمتاع والفكاهة. فما هي يا ترى قصة الطنبوري وحذائه؟ وإلى ماذا ستؤول؟!حرب العوالم
«حرب العوالم» رواية نُشرت عام ١٨٩٨ للكاتب هربرت جورج ويلز، وتُروى على لسان راوٍ مجهولِ الاسم يحكي عن مغامراته في لندن إبَّان غزو المريخيين لكوكب الأرض. وهي من أُولى روايات الخيال العلمي التي تحكي تفصيلًا عن النزاع بين الجنس البشري وأحد الأجناس التي تحيا في الفضاء الخارجي.تتألف الرواية من جزأين: «قدوم المريخيين»، و«الأرض في قبضة المريخيين»، حيث يخوض الراوي — وهو كاتب متخصص في الكتابات الفلسفية — تجربة مريرة أثناء محاولة العودة إلى زوجته في الوقت الذي يشاهد فيه المريخيين وهم يُلحقون الدمار بلندن ويُبيدون كل من يعترض طريقهم.حواء الجديدة
تقع المرأة في المجتمعات العربية بين شقي الرحى عند انجرافها في أولى خطوات الخطيئة، إذ تَحْمِل وحدها عبء العار، وتقاسي مرارة تغافل المجتمع عن جريمة الرجل. ولكن هل من الممكن اجتماع طهارة الروح ودناسة الجسد في نفس واحدة؟ وهل دائمًا ما تشترك حواء في الذنب مع الرجل وتتحمل العقاب وحدها؟ رواية «حواء الجديدة» تروي لنا — في سياق سرد غرامي ضمَّ عادات اجتماعية ومبادئ أدبية — قضية اجتماعية فيها ما فيها من حسن التصوير، وجميل التخيل، ونزاهة الأدب، غير أن الرواية بالغت في تصغير فاحشة المسافحات في مقابل تكبير فاحشة المسافحين، وهذا ما أكدته آراء بعض العلماء التي أوردها الكاتب في نهاية الرواية، مثل؛ «محمد رشيد رضا»، و«شبلي شميل»، و«جورجي زيدان».سجن طولون
رواية «روكامبول» هي مجموعة قصصية ألَّفها الروائيُّ بونسون دي ترايل، وهي سلسلة تُجسِّد أحداثُها الصراعَ القِيَمِيَّ الأبديَّ بين الخير والشر، والعدل والظلم. وتتنوع شخصيات هذه القصص بين الفرسان المُقدِمين أصحاب البطولات، والفتيات الفاتنات، والمجرمين الأنذال، والكهنة والوعَّاظ. ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من القصص لاقى نجاحًا كبيرًا في فرنسا في القرن التاسع عشر، وهي قِصص مشوِّقة للغاية، كُتِبت على طراز «شيرلوك هولمز» و«أرسين لوبين»، استطاع المؤلف من خلالها أن يصل بقُرَّائه إلى أقصى أنواع المتعة والتسلية؛ لدرجة أنه حين توقَّف عن إصدار سلسلتها طالَبَه القرَّاءُ باستكمالها مرة أخرى. وقد ترجمها «طانيوس عبده» إلى العربية ترجمةً لا تقِلُّ في تشويقها عن الأصل الفرنسي .تتجلَّى صنوف الشقاء البشري وراء قضبان السجن، وتتعدد أشكال التمايز بين الفقير والغني حتى بين الأسوار. لا عجب في ذلك، فقانون «مَنْ يدفع أكثر هو مَنْ يختار اللحن» هو القانون السائد بين السواد الأعظم من البشر. وبين وريقات قصص هذا السجن تتجلَّى مفردات تلك المعاني، وتتنوع الأقصوصات التي يرويها نزلاء السجن التي يجمعون فيها صور قانون البشرية في توزيع أنصبة البشر من إرث الشقاء والسعادة. ومن بين هذه القصص قصة «روكامبول». فبعد عشر سنوات قضاها «روكامبول» في سجن طولون قرر الهرب، ولم يكن ذلك عسيرًا عليه؛ فأفرادُ عصابتهِ يفدونه بحياتهم. وبعد تلك التجربة القاسية في السجن، تحول روكامبول وعصابته إلى الخير؛ فكانت أولى أعمالهم هي إنقاذ «أنطوانيت» من الموت. وهكذا دخل روكامبول وعصابته عالم الخير.ملك النَّوَر
يمثِّل الدفاع عن الوجود والمقدسات مبدءًا من أهمِّ المبادئ التي يحيا من أجلها الإنسان؛ فَسِرُّ الوجود يكمن في مقدار ما يستطيع المرء أن يحقِّقه من نجاح في حماية معتقداته الدينيَّة وصيانة سيادته على أراضيه. ولم تكن رواية «ملك النَّوَر» سوى حلقة من حلقات صراع «الأنا والآخر»، والذي ما زال حيًّا ومستمرًّا حتى اليوم، حيث يحكي «ميشيل زيفاكو» حكاية طائفة من الطوائف المهمَّشة في أوروبا وهي طائفة «النَّوَر»، والتي يرغب زعيمها في خلاصها من نِير الذلِّ والاستعباد، فيحتال لذلك في بلاد الهند، ليجني ثمرة حيلته في أوروبا، فهل تُراه يفلح في ذلك؟ وما الصعوبات التي سيواجهها في سبيل تحقيق مبتغاه؟رواية الشقيقتين
لم تكن العلاقة بين التوأمين الجميلتين «سوسنة» و«وردة» بالعادية التي تكون بين الأخوات؛ فمنذ نعومة أظافرهما والعواطف الطيبة بينهما متبادلة بشكل يثير الإعجاب، وينمو بينهما الحب كلما تقدم بهما السن، فتُؤثِر كل واحدة منهما الأخرى على نفسها، ويتقاسمان كل شيء بطيب خاطر ونفس كريمة دون أن يفتُر الود بينهما، ولا ريب أن لتربية والديهما الحسنة والمتدينة يدًا كبرى في ما كان لروحيهما من نقاء وحب للخير، ولكن هذه العواطف النبيلة كانت على موعد مع اختبار عظيم وقاس؛ فكلتاهما أحبت «البارون شَرل» في صمت وتمنت الاقتران به، ولكن «شَرل» أحب «وردة» وتقدم لخطبتها. فهل يا تُرى عندما تعلم ما في قلب أختها الأثيرة «سوسنة» من مشاعر خفية تجاه خطيبها تكمل هذه الزيجة؟ هذا ما ستعرفه بقراءتك لرواية «الشقيقتين».على باب زويلة
«كتاب رائع بأدق معاني هذه الكلمة وأوسعها وأصدقها في وقت واحد.» هكذا يُقدم عميد الأدب العربي «طه حسين» لهذه الرواية التاريخية الفريدة، والتي تحكي نهاية عهد المماليك في «مصر» بشنق آخر سلاطينهم على «باب زويلة». فبعد أن اشتدَّ الظلم على المقيمين من التُّجَّار الروم وذويهم، وفُرض عليهم ما لا يطيقون من الضرائب؛ إذ بالأمير «طومان باي» ينصح لسلطانه «الغوري» برفع الظلم، فيأمر باعتقال خازن الأموال وتعذيبه ومطالبته بسداد ما نهبه، دون أن يقبل شفاعة صهره الرومي، بل إنه يقضي بالتفريق بين الرومي وأهله، فإذا بالرجل يفر إلى ذويه في بلاد عثمان عازمًا على الثأر لنفسه. حادثة كهذه قد تمرُّ في الأذهان مرور الكرام، إلا أنها غيَّرت مجرى التاريخ؛ فإذا بالحرب تدقُّ أبواب بلادٍ آمنة، وترفع الراية العثمانية على مُلك «مصر».دراكولا
يقابل المرء في عمله تحديات كبيرة وعملاء مزعجين، لكن جوناثان هاركر التقى بنوع من العملاء لا يخطر على البال. جوناثان هاركر كان في طريقه لإتمام صفقة لمصلحة شركته. لكنه وجد نفسه في قصر عتيق، حبيسًا لوحش شرير، يتغذَّى على آلام البشر ودمائهم! فكيف السبيل إلى القضاء على مسخ حُكم عليه بحياة أبدية من العذاب؛ فلا تقتله سيوف ولا طلقات كالبشر، ولا يروي ظمأه دماء مَن على الأرض جميعًا؟ والفاجعة أن مصاص الدماء هذا يريد الانتقال إلى قلب مدينة لندن. تُرى هل تُكتب النجاة لجوناثان وغيره من سكان لندن؟ أم تصيب اللعنة بعضهم فينشر ذلك الشرير سُمَّهُ في المدينة؟رجال لا يعتذرون
القارئ لرواية" رجال لا يعتذرون" لابتسام أبو ميّالة سيجد نفسه أمام رواية تزخر بعشرات الحكايات والأحداث المؤلمة. فالرواية طرقت أكثر من موضوع، وإن كان تركيزها على ما تتعرض له النساء من اضطهاد في مجتمعنا الذّكوريّ، واللافت أنّ الكاتبة قد مزجت في خلطة عجيبة بعضا من مآسي نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948، ومعاناة اللاجئين الفلسطينيّين، وجرائم الاحتلال التي ارتكبها في مخيّم جنين أثناء اجتياحه للمخيم في نيسان 2002، وامتهان كرامة الانسان الفلسطيني على الحواجز العسكريّة، وإغلاقه لمدينة القدس أمام أبناء الشعب الفلسطيني، مزجتها بما تتعرّض له الأنثى بمراحل عمرها المختلفة على يد ذويها، وكأنّي بها ترى أنّ هناك وجه شبه بين ممارسات الاحتلال، وبين ممارسات الذّكور الذين يحتلون عالم الإناث، أو أنّها ترى أنّه لا يمكن الخلاص من الاحتلال ما دامت المرأة الفلسطينيّة مضطهدة. وقد احتوت الرّواية على قصص وحكايات لنساء عانين من الاضطهاد، فهناك أزواج يضربون زوجاتهم ضربا يلحق بهنّ أذى جسديّا كبيرا، فأبو سالم تسبب بفتق في بطن زوجته، ولم يحاول الاطمئنان عليها في المستشفى بعد اجراء عملية جراحية لها للخلاص من ذلك الفتق، وهناك رجال زوّجوا بناتهم الصّبايا لمسنّين أثرياء طمعا في المال، وهناك من وشوا بنساء الأقربين ليطلقوهنّ طمعا بميراث الزّوج، كما حصل مع والدة سمر، حيث وشى بها سلفها وزوجته واتهموها بأخلاقها زورا وكذبا، وتسبّبوا بطلاقها، وهناك من تزوّجوا بامرأة ثانية دون داع لذلك، ولم يعدلوا بين زوجاتهم، وهناك من ظلموا أمّهاتهم ولم يحتملوهن في شيخوختهن، وأرادوا الخلاص منهن في بيوت العجزة طمعا في البيت الذي بنينه وأوصين بهنّ للابن الذّكر دون الاناث، وهناك من لقيت اضطهادا مضاعفا لوفاة الوالد وعدم وجود أخ ذكر يوفّر لها الحماية كما حصل مع سمر. وهناك من أرغمن على الزواج المبكر قبل أن ينهين تعليمهنّ الالزاميّ، وهناك من النّساء من يعملن ويوفّرن الحياة الكريمة لأزواجهنّ ولأبنائهن، ويقمن بالعمل المنزليّ، ومع ذلك فإنهن يتعرضن للضرب والتعنيف بأشكاله على أيدي أزواجهنّ، وهناك إناث تعرّضن للتعنيف والاضطهاد على يدي زوجة الأب كما حصل مع سمر –بطلة الرواية الرئيسة- بعد طلاق والدتها ظلما. وهناك من تتعرض للاضطهاد على يدي حماتها دون سبب. ولكلّ من هذه النّسوة قصّتها وحكايتها المقنعة كما وردت في الرّواية.أولاد الغيتو اسمي آدم
الرواية مدرجة في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية " البوكر العربية عام 2017، وهي رواية من طبقات يغوص فيها القارئ ليكتشف حقيقة المأساة الفلسطينية التي ترخي بظلالها على الفلسطيني من مهده إلى لحده، فيظلّ تائهاً بين وجع الحياة داخل البلاد وخارجها. لا تعرف منال معنى كلمة "غيتو"، أو من أين أتت. كلّ ما تعرفه أن سكان اللدّ المدينة المسيّجة بالأسلاك، سمعوا الكلمة من الجنود الإسرائيليين، فاعتقدوا أن كلمة "غيتو" تعني حيّ الفلسطينيين، أو حيّ العرب، كما قرّر الإسرائيليّون تسمية سكان البلاد الأصليين. وحده مأمون كان يعرف: :الغيتو هو اسم أحياء اليهود في أوروبا". "يعني إحنا صرنا يهود؟" قالت منال بسذاجة... يطرح خوري في مقدمة الرواية بوضوح فكرة سرقة ونشر اليوميات باسمه، غير أنه بدل أن يكون «سارقاً أصبح ناسخاً»، كما يقول في المقدمة، نشر المخطوط كاملاً دون إضافة أو تعديل، خالقاً بذلك إيهاماً بكون المؤلف شخصاً آخر، ويمضي بعيداً في الإيهام بظهوره طرفاً في اليوميات باسم"الأستاذ اللبناني"، الذي تعرف عليه آدم دنون عن طريق تلميذته في الجامعة في مدينة نيويورك. يكتب آدم هذه اليوميات من نيويورك حيث يعمل في مطعم إسرائيلي للفلافل، ويستدعي الحكايات من ذاكرته وروايات الأهالي الذين عرفهم صغيراً، وآخرين يلتقي بهم لاحقاً ليوثق الغيتو إذ كان أول مواليده، ويدعم ذلك بوثائق تاريخية قليلة عن النكبة، ويكشف النص عن تشظي شخصية آدم الذي يكتشف أن والديه اللذين عرفهما في الغيتو ليسا أبواه الحقيقيين، وأنه وجد رضيعاً على صدر امرأة ميتة تحت شجرة زيتون في معمعة الطرد الكبير الذي حدث عندها، ويتقمص هوية إسرائيلية في شبابه، وحينما يشاهد فيلماً عن فلسطين أعده «الأستاذ اللبناني» يتفجر بالغضب ويعتبر الفيلم تلفيقاً، ويندفع إلى الكتابة ليروي سيرة الصمت الحقيقية، إذ يعد هو شاهداً على الشتات، والمجازر الإسرائيلية، وهو أيضاً الأكثر قدرة على توثيق الحقيقة بكل أبعادها. تعليقات وصف صديق أكاديمي تفاعله مع إحدى الروايات بطريقةٍ فاجأتني؛ إذ قال إنّه كان يصل مرحلة لا يستطيع معها إكمال القراءة، ليس مَللا أو تعباً، بل لقسوة المشهد، فيَقلِب الرواية ليلتقط أنفاسه، قبل أن يُكمِل. وما فاجأني أن الشيء ذاته حصل معي في الرواية نفسها، وعشتُ الحالة ذاتها مع بضعة كتب، وفي حالات أخرى كانت تنقطع الأنفاس لجمال المشهد في الوصف. كان ما حدثَ أثناء قراءة رواية إلياس خوري الأخيرة مختلفا. وللرواية عنوانان على الغلاف؛ أولاد الغيتو" و"اسمي آدم". فلأول مرة أجد نفسي أوقف القراءة كليّاً؛ لا لعدم رغبة في القراءة، بل من فرط الإعجاب. وقررت أن أعود وأقرأها من البداية مجدداً بشكل مختلف، ممسكاً دفتراً خاصاً لأسجل كيف أفهم وأتفاعل مع أجزائها، فهي تتضمن نوعاً من استعراض ملامح الأدب والتاريخ العربي الاجتماعي منذ الجاهلية والأمويين؛ وهي تروي جزءا من سيرة خوري النضالية داخل الثورة الفلسطينية، وتتضمن رؤية نقدية ذاتيّة لكتاباته السابقة، بكل ما تتضمنه من أحداث صادمة وفرحة مذهلة في مخيمات اللاجئين. والأصعب ربطه كل هذا بنشوء الغيتو؛ أي حَي مُحاطٍ بالأسلاك في مدينة اللد الفلسطينية، في العام 1948، وكيف استخدم الناس هذا الاسم، ربما نقلا عن جندي كان يحاصرهم، وكيف عاش الناس هناك.أرضٌ وسماءٌ
"اقتتالنا على السماء، أفقدنا الأرض" بهذه العبارة لأنطون سعادة (مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي) أوحت للروائية الفلسطينية (1941ـ نابلس) عنوان كتابها، وتتخذ من تجربته الحزبية القومية حدثا رئيسا يشحن الرواية بطاقة لا تخلو من رومانسية ثورية ترتبط ببقية الأحداث وتؤثر فيها. تتجنب الكاتبة تقويمها أيديولوجيا مستحضرة بعدها الإنساني كحلم لرجل شاعر فيلسوف يحلم بعالم فاضل وتوحيد بلاد الشام في زمن كانت فيه بذور الطائفية والتقسيم تنمو وفقا للمخطط المعد لذلك، مما جعله يدفع حياته ثمنا لهذا الحلم (أعدم في عام 1949). ولعل هذه الرؤية الثورية الرومانسية هي سبب فشل حركات التحرر في الحاضر. تعدّ «أرض وسماء» الجزء الثالث والأخير من الثلاثية التي ضمّت أيضاً «أصل وفصل» و«حبي الأول».أصل العالَم
كتب وليد السابق روايته الأولى متكئًا على لوحة "أصل العالم" لغوستاف كوربيه يتغير مسار حياة يوسف، منذ يبدأ بسرد موت الشحاذ الذي أراد أن يمنعه من الاقتراب منه، ليدخل بعدها في حوارٍ داخلي، وأحلامٍ تسيطر على معظم مفاصل الرواية، لكنها تظهر أن يوسف كان يعيش على الهامش، أي لم يشعر أحدٌ بوجوده من عدمه، إلا المرأة نصف العارية التي أخبرته أنها منذ رأته في المقبرة عرفت أنه سيأتي إلى منزلها. واختصارًا لسرد مفاصل الرواية بشكل متسلسل للأحداث، يمكن الاستعانة بما كتبه الناشر على الغلاف الخلفي: "يوسف، الباحث أبدًا عن الاكتمال الأصليّ عبر التوحُّد مع الطبيعة، يرتكب جريمةً بعد مشاجرة ما، ويهرب من المدينة خوفًا على حياته. فيجد نفسه في مدينة غريبة تموج بأُناس يسيطر عليهم الشكُّ والريبة، وتنقسم بشكل حادّ بين فقراء طيِّبين وأثرياء منعزلين؛ مدينة لا تحنّ عليه ولا تقدّم له سوى كوابيسَ.. وامرأةٍ صاعقةِ الجمال". المرأة ذاتها تدخل القصة، بشكل مكثف بعد رؤيتها في القصر نصف عارية، وأيضًا كونها امرأة مجهولة الهوية، لا يعرف عنها غير أنها زوجة التاجر الثري الميت، لكنها لم تختلف مع يوسف كثيرًا، لأنها أحبها بخوف أفقده الاعتراف بذلك، كما خوفه من بيع الساعة الذهبية، رغم أنه باعها في النهاية، أو هروبه من الأسئلة لأنه لا يعرف الكذب. متكئًا على لوحة "أصل العالم" للفرنسي غوستاف كوربيه، التي تصور امرأة بنصف جسدها السفلي، يظهر فيها الفرج مع العانة الكثيفة، والسرة، ونصف النهد الأيمن، يأخذ السابق بطله يوسف، الذي يعيش في بلدة لم تصلها حداثة المدن، لأنها لا تزال تتأثر برائحة الذرة من الأراضي، في رحلة للمجهول، ليجد دائمًا نفسه أمام قصرها، ويصبح بعدها الدخول إليه سهلًا، لأجل إلقاء نظرةٍ سريعة مثل العشاق المراهقين. يوسف ابن البلدة الفقيرة، لا يخفِ تأففه من الحياة المدنية، أي تلك النواحي التي لم تصل إليهم، على الرغم من المسافة القصيرة، ويجهل أي من معالمها، حتى عندما ذهب إلى "دائرة المحفوظات" لم يصدق أنها هي مقصده، كان يظن أنه أخطأ في العنوان، وعندما سهى في الحافلة ووجد نفسه أمام "مجمعان اختباريان لتجارب الجيش"، خاف من أن يظنونه جاسوسًا. في "أصل العالم"، نقرأ خروجًا مختلفًا على المناخ الروائي العام الذي سيطر على المشهد ضمن هذه الحبكة الروائية تمضي حياة يوسف، التي حمّلها أكثر من ثلاث جرائمٍ، دون أن يسمع بها أحد، يشتري الجريدة يوميًا ليرى إذا اكتشفت جريمة القتل، دون أن يعرف إن مات الرجل أم بقي حيًا، لكن الحادثة صارت الفعل المسبب للاضطرابات النفسية المتوالية لبطل الرواية، مع ألمٍ في المعدة يأتيه بين فترةٍ وثانية، آخرها كان عندما اكتشفت المرأة نصف العارية وجوده، إلا أن لمسها لكتفه جعله يشعر بالخوف. يُذكرنا يوسف في هذا المشهد، بأولئك الذين تحدثت عنهم الصحف العالمية، كيف يحدقون في لوحة كوربيه، وينظرون للفرج بخوف ودهشة. يقف يوسف أمامها متلبكًا لا يقوى على النطق، وعندما سُنحت له الفرصة، قال لها: "صدقيني أنا لستُ لصًا، ولا أريدُ إيذائك أبدًا"، حتى في اللحظة التي كان يجب أن يتحدث عن مشاعره، خاف من البوح بها، وقرر الدفاع عن نفسه من تهمةٍ لم يرتكبها، وقرر إنهاء حياته التي لم يسمع بها غير المتلقي. في رواية "أصل العالم"، نقرأ خروجًا مختلفًا عن السياق الروائي العام الذي يتصدر المشهد الروائي، يملأه الحنين للماضي، وزمن النضال اليساري إبان السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم، كتلك التي تعمد على تصديرها الرواية المغاربية. إذ أن السابق، المقيم في كندا، اعتمد في عمله الأول على شخصية مهزوزة نفسيًا، ولدت على هامش مجتمع المدن الذي أسست له السلطة، إنسان بسيط يبدو أنه لم يتلقَ التعليم أبدًا، لكنه ينفتح على أسئلة الوجودية، عن التفاوت الطبقي بين الأحياء الفقيرة والثرية، عن أشخاص يعيشون حياتهم ببساطة، لأنهم يخافون من طرح الأسئلة، أشخاص أرادوا أن تمضي حياتهم بسلام، لكنها تحولت إلى رحلة فلسفية سارعت بالقضاء عليهم، أولئك البسطاء الذين لم يهتم لوجودهم أحد.