المجموعة القصصية («تحت حوافر الخيل»، و«متراس أبو فياض») الصادرة عن دار الفارابي، أبدع الكاتب الراحل محمد عيتاني فضاءات ثقافية خصبة وأصيلة بشكل عادي، في القسم الأول من المجموعة: «تحت حوافر الخيل» حتى لو كان الكاتب هو الذي يتكلم، فأفكاره مرتبطة بالشخصية (الوالد)، يفكر بمواقفها، بطريقتها في رؤية الأشياء بدلاً عنها وبشكل أعمق مما تستطيع أن تفعله. أما القسم الثاني من المجموعة «متراس أبو فياض» وهو قصة طويلة، فإن أفكاره تحمل نغمة مرحة في الظاهر، ساخرة، مستنفرة، تجريبية أو متسائلة في أحوال الأحزاب في ذلك الوقت. الخطوط القصصية في الجزئين الأول والثاني مرتبطة معاً بتكنيك السرد القصصي، لكن ترتبط بأكثر من ذلك بموضوعها العام: بيروت في العشرينيات، نكهة العيش ونكهة النضال. في كل خط سردي يؤخذ هذا الموضوع من زاوية مختلفة، مثل شيء ينعكس في مرآتين. في المجموعة بشكل عام، التحام الكل ينشأ أساساً من وحدة موضوعات أو موتيفات قليلة، تتطور بتنوع ونجاح. هل تصح أن تكون بمجموعها رواية؟ بالنسبة لي نعم. الرواية على ما اعتقد هي تأمل في الحياة كما فعل محمد عيتاني، وكما رأينا من خلال بيئة شخصياته الواقعية. في الحقيقة عيتاني يستمتع في مواضع بجعل وحدة قصصه متشظية، لكنها مجرد حجة كوميدية فصندوق السرد يحمل مجموعة من الطرف والقصص والتأملات وهذا الصندوق ضروري لإعطاء الكتاب حسّ القصة الساخرة، أو على الأقل محاكاة تهكمية لقصص طويلة في كل الأحوال تصلح كل منها أن تكون رواية، وهذا حقيقي تماماً.