تعد قصائد هذا الديوان ومضةً من تجليات الحب والجمال اللذين تمتع بهما شعر هذا الشاعر؛ فهو يخلق من مأساته وبؤسه ملحمةً توحد بين وجدانه كشاعر، وبين واقع الطبيعة الساحرة ليستلهم منها طاقة الجمال الشاعرية؛ فيهبنا ألحانًا من أوتار الشعر الشجية، فكل قصائده التي وردت في هذا الديوان جاءت معبرةً عن فرطِ صبابة الحب، ومأساة المعاناة من هذه الحياة التي ضنَّت عليه حتى بطيف محبوبته زينب التي أهداها هذا الديوان، وقد طُبِعتْ بعض قصائد هذا الديوان بطابع المناسبات؛ فأبرزت نبع الشاعرية الذي فجره رَهَفُ الشعور الشعري في ألفاظ الشاعر، ومَنْ يقرأ هذا الديوان يجد أنَّ الشاعر قد اصطفى ديوانه الشعري لِيُودِعَهُ كلمات تتجلَّى فيها صبوة الألم؛ ولا عجب فالشعر ديوان تصنعه الكلمات، ويوثقه الوجدان الذي يوقدُ نبع الشاعرية فيها.
أحمد زكي أبو شادي
تَتَعدد أنواع الكتابة الإنسانية، ويُعد الشعر أحد أنواع هذه الكتابة التي تتميز بطابع خاص، فالكتابة الشعرية هي كتابة فنية تُخرج العالم الداخلي للإنسان المليء بالأحاسيس والشعور إلى حيز الوجود الخارجي عبر اللغة. وللكتابة الشعرية ألوان ومذاهب شتى، أحد هذه المذاهب هو المذهب الطبيعي أو ما يعرف بالمذهب الرومانسي، وهو مذهب يُعلي من شأن الوجود الطبيعي ويمزجه بالوجود الإنساني، ويهتم بالإحساس والعاطفة والوجدان على حساب العقل. وتنتمي هذه المجموعة الشعرية الرائعة المسماة بـ «أشعة وظلال» لمؤلفها أحمد زكي أبو شادي إلى هذه المدرسة؛ حيث يُعلي أبو شادي فيها من قيم الطبيعة وجمالها وما يرتبط بها من أحاسيس، فيتحدث عن الزهور والصيف كما يتحدث عن الإلهام والحب.
أحمد زكي أبو شادي
«تتضمن هذه المجموعة الشعرية منظومات قرَّضتُها تلبيةً لدعوة جمعية الشعر بمدينة لندن؛ لمناسبة فتح «مَمْثَل شكسبير التذكاري» بعد تجديده على إثر الاحتراق الذي نكَب به حديثًا. وهي دعوة عامة إلى شعراء جميع الأمم الذين يُقَدِّرون مزايا شكسبير وآثاره الخالدة، ويفهمون حق الفهم شخصيته العظيمة وأدبه الرائع المثقف. وقد اخْتِير يوم ٢٣ أبريل سنة ١٩٢٧م (وهو ذكرى ميلاد شكسبير) يومًا بل عيدًا للاحتفال المرموق. وما أقْدمتُ على نظمها إلا مدفوعًا بعاملين قويين: أولهما؛ إكباري لهذا العبقري العظيم الذي رفع رأس الإنسانية بنبوغه الفخم وعقله الجبار. وثانيهما؛ دافع الاشتراك في واجب قومي نحو هذا المثَل العالي للإنسان العظيم».
أحمد زكي أبو شادي
يحاكي أحمد محرم في «ديوان مجد الإسلام»، ملحمة «الإلياذة» الأسطورية لهوميروس؛ لذلك يطلق على هذا العمل تسمية أخرى وهي «الإلياذة الإسلامية»، وقد قام محرم بتصوير البطولة الإسلامية من خلال استعراض سيرة النبي صلى الله عليه وسلّم، حيث جاءت هذه الملحمة العربية الإسلامية في ثلاثة آلاف بيت شعري، صوّر عبرها محرم السيرة النبوية بتسلسل زمني، وما تضمنته من غزوات ومعارك ووقائع، ويعد هذا العمل أيقونة محرم التي جلبت له الشهرة من بين بقية أعماله الأخرى.
أحمد محرم
من الشعراء من يُنادي في الناس: «أنا شاعر، هلمُّوا إليَّ»، ومنهم من يتنادى الناس إلى شعره وإن لم يَحُز بينهم شهرةً في حياته، وهذه حالُ «إسماعيل صبري» (أبو أميمة). التشابه بين اسمه وبين اسم شاعر مدرسة الإحياء الشهير «إسماعيل صبري باشا» وتزامُن حياتهما في رَدَحٍ منها، لم يمنحا هذا الشاعر الشهرة التي يستحقها، إلا أنهما لم يُنقِصا من قدره بوصفه شاعرًا وأديبًا وفنانًا متعدِّدَ المواهب، يفيض شعره عاطفةً يهتز لها الوجدان. جُمع ديوانه هذا ونُشر بعد وفاته، متضمِّنًا أربع مجموعات من القصائد: «الكونيات»، وتضم قصيدتين كُبريين ملحميَّتين نونية وهمزية سُمِّي على إثرهما «شاعر الكونيات»، المجموعة الثانية اجتماعية تنتمي إلى شعر المناسبات؛ يرثي ويهجو ويمدح ويهنِّئ ويتغزل ويرسل الرسائل الشعرية في حب الوطن، الثالثة «غزل الأغاني»، وهي قصائد مغنَّاة رقيقة تَغنَّى بها مشاهير مطربي عصره، الرابعة أوبريتات وأناشيد مدرسية، ويلحق الديوان مسرحية من ترجمته تحت عنوان «ربيبة الكوخ».
إسماعيل صبري
يرى النقادُ أنَّ إبراهيم طوقان هو الفارسُ الذي اعتَلى صهوة جوادِ الشعرِ العربي في العقود الأربعة الأولى من القرن العشرين، فقد اتخذ من عشقه وإيمانه بقضية وطنه فلسطين محرابًا يتعبَّدُ فيه بإلقاءِ تراتيله ِالشعرية التي تُفصِحُ عن جوهر العشقِ الوطني في أعماله الشعرية التى جعلها تتنفس بعبير الهِمم التي تُحيي الأمم، وجعل من الحب والغزل زهرةً تعلنُ عن بداية الربيع في شعره بعد خريفٍ كتب على أوراقه مأساة فلسطين العربية التي تنادي العرب ولا تجدُ إلَّا رمادًا من نار الغضب، وقد أثنى على ديوانه الشعري العديد من النقاد وقالوا: إن شعره قادرٌ على استيعاب كل المراحل التي مرَّ بها الأدب العربي، وَرَأْي كامل السوافيري يُذكِّي هذا الرأي الذى تناولهُ في كتابه الأدب العربي المعاصر في فلسطين، حيث يرى أنه خاضَ مع شعراءٍ آخرين تجربة التمهيد للتجديد في المشهد الشعري الفلسطيني، وأنه الشاعر الخالد بخلود الإبداع، الفاني بفناء الجسد.
إبراهيم طوقان
ربما يملك الشعراء آذانًا حساسةً مُرهفةً، تُسمعهم ألحانًا سرية عذبة يصنعها الكون وقد انتظمت عناصره فيما يشبه الجوقة الكبيرة التي تحفظ الكثير من الأغاني الرائعة المتجددة؛ فتنطلق في موسم الحصاد منشدة بسعادة ألحانًا يملأها البِشر والأمل، تشدُّ من أزر الفلاحين وتحمِّسهم، وتصنع من حركاتهم النشيطة والخيوط الذهبية لأشعة الشمس الساقطة على الزروع الخضراء لوحةً حيةً رائعة، كمشهدٍ من فيلمٍ غنائيٍّ للأطفال، وتتعاقب الفصول المناخية؛ فالشتاء الوقور له ألحانه المميزة التي لا تخلو من الحزن والخوف، تردِّدها الزعابيب والعواصف، بينما تقرع الأمطار الطبول استعدادًا للربيع الذي ما إن يعتلي المسرح حتى تشاركه الطيور والأطفال الصغار في عزفٍ جديدٍ سعيدٍ كلحظة الميلاد.
إلياس أبو شبكة
يعد إبراهيم عبد القادر المازني أحد أبرز أعلام الشعر الحديث، رغم أنه لم يمكث كثيرًا في قرض الشعر؛ فقد اتجه للاهتمام بالصحافة والأدب والنقد. وكان يرى أن على المرء إما أن يقول شعرًا من أعلى طبقة، وإما أن يريح نفسه ويريح الناس؛ فلا خير في غير الكلام الخالد على الدهر. وقد تميز شعر المازني بالصدق في التعبير والبُعد عن المبالغات، وتكمن المفارقة في أنه رغم دعوته إلى الشعر المرسل فإنه اهتم في ديوانه بالوزن والقافية، والتعرض للموضوعات غير المألوفة، كما تميز شعره أيضًا بالتعبير الدقيق عن النفس الإنسانية وما يتصل بها من تأملات فكرية وفلسفية.
إبراهيم عبد القادر المازنى
جمع العقاد في هذا الديوان مجموعة مُنتقاة من أشعاره التي سبق أن نُشرت في دواوين شعرية أخرى له، فأسماه «ديوان من دواوين». لتتبدى هنا ملامح مدرسته المُجدِّدة في الشعر (مدرسة الديوان)، فنجد مواضيع شعرية جديدة تمامًا في قالب تميَّز بوحدة القصيدة عضويًّا وفنيًّا؛ فكانت العاطفة الغالبة على القصيدة واحدة ذات موضوع محدد، نابذًا أساليب القدماء في بناء القصيدة وافتتاحها بما اعتادوا عليه من الغزل والبكاء على الأطلال. فيتحدث عن «عسكري المرور» و«فن السينما»، ويصف الشتاء في مدينته أسوان. كما نلمس عاطفته الوجدانية وتعبيره عن عواطف نفسه ليعبر شعره عن ما يقلقه من مشكلات، فنجد قصائد كـ «ندم» و«مزيج» وغيرها، حيث يتبدَّى الطابع النفسي والفلسفي لفكر العقاد.
عباس محمود العقاد
يتناول الكاتب في هذه الرائعة النقدية قضايا الشعر العربي المعاصر، ويُنَصِّب نفسه قاضيًا يحكم بإنصاف على مختلف ألوان الشعر؛ فهو يدافع في مستهل كتابه عن الشعر المنثور؛ لأنه يرى فيه طاقةً إبداعية تُعْلِيه إلى مرتبة الشعر المنظوم، ومن يقرأ هذا الكتاب يجد أنه يمثل دستورًا للتعبير عن الألوان المختلفة التي ذخر بها الشعر العربي المعاصر؛ فالكاتب حينما يتحدث عن هذه الألوان يتحدث عنها في إطار القيمة الفنية التي كانت تشغلها — آنذاك — ثم يتحدث عن الأعلام الشعرية التى ارتفعت بالشعر العربي المعاصر إلى مراتب الإبداع في الشعر، بإيراد نماذج من أشعارهم والتعليق عليها، ثم يهب قارئه في خاتمة الكتاب باقةً من النماذج الشعرية التي دوَّت أصداؤها في أرجاء العالم العربي، وأضحت نسيجًا مكملًا للتراث الشعري العربي.
أحمد زكي أبو شادي
Copyright©2020 China Intercontinental Press. All rights reserved
京ICP备13021801号