هذا الكتاب «ضرب الإسكندرية» هو ما أرَّخ به «عباس محمود العقاد» ليوم ١١ يوليو عام ١٨٨٢م، يوم ضُربت الإسكندرية بمدافع البحرية الإنجليزية، أثناء اندلاع الثورة العُرابية التي كانت ذريعة هذا العدوان، ومقدمات هذا التدخل، وكذلك تناول الامتيازات الأجنبية والديون، وما جلبته لمصر من تدخلات في شئونها دامت لعهود. كما بيَّن ما تُمثله قناة السويس من أهمية سياسية واقتصادية لدول الاستعمار القديم والحديث، وتعرض العقاد لما عاناه المصريون من حرمان وتهميش لصالح الأجانب، ولا سيما من الوظائف العامة. واستطاع «العقاد» أن يضع القارئ في قلب حدث هام أعقب ثورة كان قائدها أحد رموز الحركة الوطنية المصرية؛ هو «أحمد عرابي».
عباس محمود العقاد
كان «موسوليني» لا ينام حتى يقرأ كتاب الأمير لـ «ماكيافيلي»، وقيل: إن «نابليون» و«هتلر» كانا يتَّخذانه مرجعًا لسياساتهم؛ ويرجع ذلك لما للكتاب من مكانة لم ينلها غيره. والكتاب يُقدِّم نظريات في الحكم والإمارة، ويجيب على أسئلة لطالما شغلت بال الحُكَّام والأُمراء، مثل؛ كيف تُحْكَمُ البلاد الموروثة؟ وما هي أنواع السلطة وكيف تحصُل عليها؟ وكيف يملك الزعيم شعبه؟ وكيف حُكمت الإمارات الدينية والمدنية؟ وأثار الكتاب جدلاً واسعًا حيث انتقده الكثير وعدُّوهُ تحريضـًا على قهر الشعوب وإذلالها، في حين اعتبره آخرون دليلاً للناس على مواطن الغدر وصنوف الخداع التي يسلكها الأمراء ضد شعوبهم. وقد أهداه المؤلف إلى الأمير الإيطالي «لورنزو دي مديتشي».
نيقولا ماكيافيلي
إن لكل عصر بنيته الخاصة التي يتشكل منها نظامهُ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فإذا نظرنا إلى العصر الأوروبي الوسيط وجدنا أن جوهرهُ يتجلى في المسيحية الكاثوليكية، التي كانت مدعومةً سياسيًا من الكنيسة، واقتصاديًا من النظام الإقطاعي، إلا أنه هذه البنية سرعان ما أصابها التحلل والتفكك نتيجة لظروف متعلقة بتدهور الحياة السياسية والاقتصادية، حيث انخرطت الكنيسة في الصراع السياسي مع الإمبراطورية، وابتعدت عن دورها الوعظي الإرشادي، كما اتسعت الفجوة الاقتصادية بين الطبقة الأرستقراطية الممثلة في النبلاء ورجال الدين وبين العامة من الشعب. لذلك جاء الفكر الرأسمالي البرجوازي ليثور على هذه الأوضاع، بحيث تم القضاء على النظام الإقطاعي بسبب تغير نمط الإنتاج بتصاعد معدلات حركة التجارة، واكتشاف جبال الذهب والفضة في أمريكا الجنوبية، وبداية الثورة الصناعية، وملكية وسائل الإنتاج. وعلى الصعيد السياسي تحللت البنية السياسية وأصبحت الدولة هي الوحدة الأساسية للوجود السياسي بدلًا من الوجود الإمبراطوري. ولكن يكشف التطور الفكري للأيديولوجية البرجوازية الرأسمالية أنها تحولت (على مدار ثلاثة قرون) من فكر ثوري إصلاحي، إلى فكر محافظ تقليدي، هدفه الأول الحفاظ على المكاسب والمصالح التي حققتها الطبقة الرأسمالية، حتى لوكان في ذلك استغلالًا للطبقة العاملة. لذلك جاء الفكر الاشتراكي ليلعب مع الرأسمالية ذات الدور التاريخي الثوري الذي لعبته هي ضد الطبقة الأرسقراطية. ومن الجدير بالذكر أن تحمس سلامة موسى في هذا الكتاب للأيديولوجية الاشتراكية يظهر إلى أي مدى كان تأثير المركزية الأوروبية حاضر بقوة في عقول النخبة المثقفة في العالم الثالث، بحيث لا ترى ذاتها الحضارية، ولا وجودها المتعين، إلا من خلال الخبرة الحضارية الأوروبية.
سلامة موسى
يتناول هذا الكتاب موضوعين رئيسيين؛ أولهما يتعلَّق بالمبادئ العامة لنظام الحكم، وكيف لها أن تتَّفق مع مقرَّرات الدين الإسلامي، وبيان أشكال علاقة الحاكم بالمحكوم، وآليات الرقابة على الحاكم، والوسائل المختلفة التي تكفل الحرية في هذا الإطار. أمَّا الموضوع الثاني؛ فيتعلَّق بالأماكن المقدَّسة الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، حيث يصفها الدكتور «محمد حسين هيكل»، ويُبيِّن أثرها الروحيَّ على العالم. ويكتسب هذا الكتاب أهمية إضافية؛ حيث إن مؤلفه رجل من رجال الحركة السياسيَّة المصريَّة الأفذاذ، والذين تقلَّدوا مناصب رفيعة داخل مصر وخارجها، وقدَّموا لبلادهم خدمات جليلة على صعيد العمل السياسيِّ والفكريِّ خلال النصف الأول من القرن العشرين.
محمد حسين هيكل
يُجلي لنا هذا الكتاب ما دار في أروقة الدهاليز السياسية البريطانية إزاء السودان، ولا يرمي الكاتب إلى سرد الواقع التاريخي لبلاد السودان؛ بل يهدف إلى إيضاح المساعي السياسية والاستعمارية التي دأبت بريطانيا على تحقيقها في بلاد السودان وفقًا لسياسة الذئب الذي لا يُحاور الحَمَلَ، ويوضح لنا الكاتب الأهمية السياسية والاستراتيجية التي تمثلها السودان باعتبارها شريان الحياة بالنسبة لمصر؛ لأنها منبع النيل، ويُبرز لنا الكاتب كيف استطاعت بريطانيا أن تستنزف كل المقدَّرات الاقتصادية للسودان عن طريق الاستيلاء على ثرواتها من المعادن النفيسة بمقتضى اتفاقيات ومبادرات أثارت لهيب الجدل القانوني حول مدى شرعيتها، كما يوضح كيف استطاعت بريطانيا أن تعمِّق جذورها الاستعمارية في مصر والسودان بذريعة الاضطرابات السياسية والمالية في مصر، والثورة المَهْدِيَّةِ في السودان، ويختتم الكاتب جولته السياسية في السودان بالحديث عن السياسة الفيدرالية التي انتهجتها بريطانيا من أجل فصل الروح الاستراتيجية التي تمثلها السودان عن جسد الدولة المصرية.
داود بركات
هو كتاب اجتماعي عُنِيَ فيه «غوستاف لوبون» بالحديث عن الروح السياسية للجماعات باعتبارها قاطرة الحياة الفكرية التي تقود معارك الجماعات في كافَّة الميادين الإنسانية الأخرى؛ كالميدان الاقتصادي والعسكري والاجتماعي، وقد تحدَّث الكاتب في هذا الكتاب عن مجموعة من القضايا المحورية أبرزها حديثه عن مدى استبداد الأنظمة القمعية، وعن رفض التيارات الاشتراكية الأوروبية — آنذاك — لاحتكار الحركات الرأسمالية لمُقَدرات الحُكم، وينتقل الكاتب بعد ذلك إلى البحث في النتائج المترتبة على تطبيق مناهج التربية الأوروبية على الشعوب المتأخرة، ويتحدث أيضًا عن النَّهج الاستعماري لدول أوروبا التي تستبيح مقدرات الشعوب بشرعية الوهم الذي تسميه الحرية موضحًا عددًا من جرائم القتل السياسي وصور التعصب والاضطهاد الديني التي تُوصَمُ بها بعض المجتمعات.
غوستاف لوبون
لم يدرس أحد القانون في عصر النهضة الأوروبي على هذا النحو الدقيق والمدهش في وضوحه وجرأته ونفاذ بصيرته سوى مونتسكيو، فقد شرح في كتابه «روح الشرائع» نظم الحكم المعروفة، وانتقدها مفرقًا بين أنواعها: المَلَكيَّة وفيها يرث الحاكم السلطة ممن يسبقه؛ والديكتاتورية وفيها يرجع الحكم للحاكم وحده دون حدود قانونية، ودائمًا ما يُثبِّت أركان حكمه بإرهاب المواطنين المدنيين؛ وثالث هذه الأنظمة الجمهورية وهو نظام يحكم فيه الشعب من خلال ممثلين يختارهم وفق آلية تضمن قدرته على عزلهم وحسابهم، والجمهورية هو نظام الحكم الأمثل من وجهة نظر مونتسكيو. ذلك أن أي نظام للحكم ينبغي أن يسعى لضمان حرية الإنسان، ومن أجل ذلك يجب الفصل بين السلطات الثلاث: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، وأيضًا الحفاظ على التوازن بينها. ويعيد مونتسكيو في كتابه تعريف الفضيلة والشرف، إذ يضع هذه المعاني في إطار الجمهورية ويرهن معناها بالسياسة. «الفضيلة» عنده في الجمهورية تعني حب الوطن، أي حب المساواة؛ إنها ليست فضيلة خلقية، بل سياسية.
مونتسكيو
مَثَّلَ «الاستعمار» مرحلةً هامةً من مراحل التاريخ السياسي طوال القرنين السابقين؛ حيث سيطرت الدول الأكثر تقدُّمًا على الشعوب التي اعتبروها مُتخلِّفة، مدَّعِين أن هدفهم هو الأخذ بيد تلك الشعوب من أجل نهضتها ورُقِيِّها، وكذلك حق الرجل الأبيض في السيطرة. وفي نهاية الأمر أصبحت نظرية الاستعمار في طيِّ النسيان، وانتهى مدلولها تمامًا، وإنْ ظلَّتْ آثارها حتى اليوم. أما مصطلح «الشيوعية» فقد لمع في القرن العشرين؛ وهو يُعَدُّ واحدًا من أكثر المصطلحات جذبًا للانتباه وإثارةً للجدل؛ الأمر الذي أدَّى إلى انقسام العالم إلى نصفين. وقد توقَّعَ العقاد أن مصير الشيوعية لن يختلف عن مصير الاستعمار. ويؤكد العقاد في كتابه أن موقف الشرقين واضح، وهو أنهم يرفضون الشيوعية والاستعمار.
عباس محمود العقاد
حرصت «مصر» منذ فجر التاريخ على توطيد علاقتها بالمجتمعات الكبرى؛ فأثَّرت فيها وتأثَّرت بها، لا سيما وأن التغير الاجتماعي الذي طرأ عليها في مختلف العصور كان كفيلًا بإكسابِها قدرةً على الصمود في وجه تحديات وعوائق حركتي التاريخ والجغرافيا السكانية. ويرى المؤلف في هذا الكتاب أن التفاعل الحادث بين مبدأ الثبات ومبدأ التغيير في المجتمعات هو الذي يصنع التاريخ. ونستطيع أن نقول: إن الكاتب هنا وضع يده على مفاتِيح الشخصية المصرية بعناية، فبرغم ما أورده من موضوعات متفرِّقة الأفكار، إلا أنها تترابط في مضمونها؛ لتبرز لنا معالم وطن كبير، ضرب بجذوره في أعماق التاريخ، وهذا ما جعل الكاتب يقرر أن مصر هي «هبة المصريين»، وليست هبة النيل كما قال «هيرودوت» قديمًا.
محمد شفيق غربال
لا شك في أن العالم الإسلامي يُعاني العديد من عوامل التدهور والانْحِطاط، التي جعلته يتخلف عن ركب الحضارة الغربية. وقد أدرك هذا «محمد لطفي جمعة»، فرصد العديد من المشكلات التي تقف أمام نهضة الشرق الإسلامي، ويَقصد به الدول الإسلامية، مؤكدًا أن النهضة لن تأتي إلا بجهود أبنائه، رافضًا الاعتماد على الدول الكبرى — إنجلترا وفرنسا آنذاك — في هذا الشأن؛ لأن هذه الدول لا تنظر إلا لمصالحها فقط، ولا يجب أن نعوِّل عليها من أجل نهضتنا. واستدعى من التاريخ ما يدعِّم به نظريته، وأكد أن الشرق — وخص بالذكر مصر — غنيٌّ بثرواته فقيرٌ بأهله. فهل يستمع حكامنا اليوم إلى نصيحة مرَّ عليها ما يقارب القرن، ويتخلون عن دعم أوروبا والولايات المتحدة، ويبنون أوطانهم بجهود وسواعد أبنائهم؟
محمد لطفي جمعة
Copyright©2020 China Intercontinental Press. All rights reserved
京ICP备13021801号